الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتّهام البريء بالفاحشة هل يدخل في الابتلاء؟

السؤال

سؤالي يتعلق بحالة أعيشها دائمًا،، حتى أني أصبحت أمقت هذه الدنيا لحقارة الناس فيها، وأصبحت أخشى أن أصاب بمرض نفسي.
أنا شاب في مقتبل العمر، أعيش في حي يقطنه ناس همّهم الوحيد الأذية، فأنا -والله- شخص مستقيم، ولا أخالط أحدًا، لكن الأمر الذي قهرني أن هؤلاء الناس في الحيّ يقولون عني كلامًا سيئًا، ويشهّرون بي وسط الناس، وأنا لا أعرفهم، ولا يعرفونني، بل وصل بهم الحال إلى القول إنني أعمل عمل قوم لوط -أكرمكم الله-، فهل هذا ابتلاء من الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هؤلاء الناس يؤذونك، ويتّهمونك بهذا الأمر الخطير -وأنت منه براء-؛ فإنهم آثمون إثمًا عظيمًا، وآتون لكبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.

وروى الترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فنادى بصوت رفيع، فقال: يا معشر من قد أسلم بلسانه، ولم يفضِ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه، ولو في جوف رحله، قال: ونظر ابن عمر -رضي الله عنهما- يومًا إلى البيت، أو إلى الكعبة، فقال: ما أعظمك، وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك.

ولا شك في أن هذا من الابتلاء؛ فينبغي أن تقابله بالصبر، فهو من أعظم ما يتسلّى به المؤمن عند البلاء، وسيجد عاقبة ذلك خيرًا، كما كان لعائشة -رضي الله عنها- حين اتّهمها أهل الإفك زورًا وبهتانًا، فأنزل الله عز وجل براءتها من فوق سبع سماوات، وراجع في فضل الصبر الفتوى: 18103.

وعليك أيضًا بالدعاء، ولا سيما ما رواه أبو داود عن عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قومًا، قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.

وإن وجدت بعض العقلاء من هؤلاء الناس، فاستعنْ بهم في دفع أذاهم عن نفسك.

وإن رأيت المصلحة في أن ترفع أمرهم للجهات المسؤولة، فافعل؛ ليعينوك عليهم.

فإن كفّوهم عن أذيتك، فالحمد لله، وإلا فابحث عن سبيل للانتقال إلى بلدة أخرى تجد فيها من الصالحين من يمكنك صحبتهم، والتعاون معهم على البِرّ، والتقوى؛ فأرض الله واسعة، ولا تحجّر على نفسك واسعًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني