الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في صلاة الجمعة على المستوطن

السؤال

أعمل بمستشفى ببلد غربي. في هذه المستشفى يوجد مجموعة من الأطباء المسلمين، ونجتمع كل جمعة لأداء صلاة الجمعة في مكان مخصص لنا داخل المستشفى. عددنا يتفاوت، ولكن في المعتاد يكون من سبعة إلى أربعة عشر شخصا. أنا أنوي الإقامة في هذا البلد حوالي خمس سنوات، هي مدة تعاقدي، ثم سأنتقل إلى مكان آخر -بإذن الله-، وأغلب الظن أن هذا حال الأغلبية ممن يقيمون الصلاة.
فما حكم تأدية صلاة الجمعة هكذا، علما بوجود مسجدين، أو أكثر في المدينة، وما حولها على بعد 9 إلى 16 دقيقة بالسيارة من المستشفى؟ وعلما بأنه لن يكون سهلا بالنسبة لي ترك العمل هذه الفترة قبل وبعد الصلاة في فترة الذهاب والعودة من الصلاة، بالإضافة إلى وقت الصلاة، وسيكون أصعب أيضا ربما على الآخرين الذين يعملون في العناية المركزة أو الطوارئ.
أنا آخذ بقول من أجاز صلاة الجمعة للثلاثة. هل أعتبر مستوطنا لإقامتي هذه المدة في هذه المدينة، وهل تصح صلاتنا هكذا؟
أنا لا أريد لهذا التجمع أن ينقطع؛ لأن هذا سيؤدي ببعض الناس لتفويت صلاة الجمعة، ولن يظهر جماعتنا كمسلمين في المستشفى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعلى مذهب الجمهور لا يصير السائل مستوطنا بنية الإقامة لخمس سنوات، بل لا بد من نية التأبيد.

قال الخرشي في شرح مختصر خليل: الاستيطان هو العزم على الإقامة على ‌نية ‌التأبيد، ولا تكفي نية الإقامة ولو طالت. اهـ.

وقال الحطاب في «مواهب الجليل»: الاستيطان قال الباجي: هو الإقامة ‌بنية ‌التأبيد، ونقله ابن فرحون وابن الفرات وغيرهم. وقال في التوضيح في باب الحج: حقيقة ‌التوطن الإقامة بعدم نية الانتقال. اهـ.

وعلى هذا؛ فلا تصح صلاة الجمعة من السائل وأصحابه، إن كانوا مثله في عدم الاستيطان -إن صلوا وحدهم-، وإنما يجب عليهم الظهر، إن لم يستطيعوا أن يصلوا في المسجد. وانظر الفتاوى: 237976، 249553، 287392.

ومن أهل العلم من يصحح الجمعة في مثل حال السائل وأصحابه إذا كانوا يرون مصلحة في إقامتها، كما أشرنا إليه في الفتوى: 193377.

كما أن من أهل العلم من لا يفرق بين المقيم المستوطن، وغير المستوطن، فكما تجب عليهما الجمعة، تنعقد بهما أيضا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: قد تضمنت هذه الأقوال تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام: إلى مسافر، وإلى مقيم مستوطن ... والثالث ‌مقيم ‌غير ‌مستوطن، أوجبوا عليه إتمام الصلاة، والصيام، وأوجبوا عليه الجمعة، وقالوا: لا تنعقد به الجمعة. وقالوا: إنما تنعقد الجمعة بمستوطن. وهذا التقسيم - وهو تقسيم المقيم إلى مستوطن، وغير مستوطن - تقسيم لا دليل عليه من جهة الشرع، ولا دليل على أنها تجب على من لا تنعقد به؛ بل من وجبت عليه انعقدت به. اهـ.

وقال أيضا: ليس في كتاب الله، ولا سنة رسوله إلا مقيم ومسافر. والمقيم هو المستوطن، ومن سوى هؤلاء فهو مسافر يقصر الصلاة، وهؤلاء تجب عليهم الجمعة؛ لأن قوله {إذا نودي للصلاة} ونحوها يتناولهم، وليس لهم عذر، ولا ينبغي أن يكون في مصر المسلمين من لا يصلي الجمعة إلا من هو عاجز عنها؛ كالمريض والمحبوس. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني