الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة الشخص الملتزم الذي زلّت قدمه في مستنقع الرذيلة

السؤال

عمري 27 سنة، وأعمل في وظيفة شرعية، ووقعت في الزنى ثلاث مرات مع سيدة عمرها 50 سنة، ولم أجد شيئًا من اللذة في العلاقة معها، وأشعر بالذنب الدائم، ولا أستطيع أن أصلّي بالمصلين، فدائمًا ما كنت أسهو في الصلاة بعد تلك الحادثة، وأخذت إجازة، وأقول في نفسي: كيف أصلّي بالمسلمين، وأنا فاعل كبيرة؟ وأفكّر بترك الوظيفة، وأقسم بالله أني نادم، وأشعر بتأنيب الضمير، وأنا قطعت كافة التواصل معها، ولكني متأكد أنها لم تتب؛ لأنها طلبت مني أن أفعل معها ذلك مرة أخرى عدة مرات، وقالت لي: هذه أول مرة أفعل ذلك مع رجل غير زوجي، فهل عليّ إثم؛ لأنها لم تتب؟ وماذا يجب عليّ أن أفعل؟ وواللهِ إني بعد هذه الحادثة نسيت ما حفظت من القرآن الكريم، ولا أستطيع أن أعطي درسًا بسيطًا، وأشعر أني أصبحت شخصًا فارغًا، وكأن الله أخذ مني كل ما تعلّمت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن قد وقعت في معصية شنيعة، وكبيرة من كبائر الذنوب، ألا وهي الزنى، وبالرغم من ذلك، فإن تعالى يقبل توبة التائبين، بل ويفرح بها، فقد قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}

فاحذر من اليأس، والقنوط من رحمة الله تعالى.

ويظهر من سؤالك أنك نادم على ما وقعتَ فيه، والندم توبة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن ماجه، وغيره، وصححه الشيخ الألباني.

فأكثِرْ من الاستغفار، والأعمال الصالحة، وراجع شروط التوبة في الفتوى: 5450.

أما بالنسبة للمرأة المذكورة، فإن عدم توبتها لا يضرّك، فهي مسؤولة عن تصرفاتها، وقد قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {الأنعام:164}.

ولا داعي للتفكير في الاستقالة من وظيفتك، بل اجتهد فيما ينفعك، وينفع غيرك، واشغل نفسك عن التفكير فيما مضى، ولا تُلقِ له بالًا، واملأ الفراغ الذي تشعر به بتعلّم علم نافع، واسترجاع ما نسيته من القرآن الكريم، وقد جاء عن بعض السلف أن الذنوب سبب لنسيان القرآن، وانظر الفتوى: 101613.

كما لا ينبغي لك الامتناع عن إمامة المصلين، إذا كنت أهلًا لها؛ فأنت تائب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل احتسب الأجر في ذلك من الله تعالى.

وأعرض عن الوساوس والشكوك، واستعذ بالله تعالى من كيد الشيطان الرجيم. وراجع الفتوى: 24727.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني