الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يعتبر الابتلاء مكرا من الله -سبحانه و تعالى- سواء كان للمؤمن المسلم أو لغيره، وهل الدعاء بدرء الابتلاء هو من حسن الظن بالله -عز وجل؟
وهل الدعاء بدرء الابتلاء ممكن، أم هو اعتراض على حكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالله -تعالى- إنما يمكر بالماكرين المعاندين لشرعه، كما قال تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {آل عمران:54}.

وليس كل ابتلاء مكرا من الله تعالى، بل قد يبتلي الله العبد ليرفع منزلته، ويعلي درجته، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من يرد الله به خيرا، يصب منه.

وإذا علمت هذا، فعلى من نزل به بلاء أن يتلقاه بالصبر والتسليم، والعلم بأن الله -تعالى- أحكم الحاكمين، وأنه -تعالى- قدر ما قدره لحكمة، وأنه -تعالى- محمود على كل حال.

ولا حرج البتة في أن يدعو برفع البلاء، فقد يكون من حكمة نزول البلاء بالعبد أن يسمع الله دعاءه وتضرعه، وقد دعا أيوب برفع البلاء فقال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {الأنبياء:83}، ومع هذا لم يخرج عن وصف الصابرين، بل أثنى الله عليه بقوله: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ {ص:44}.

والدعاء برفع البلاء ليس من الاعتداء في الدعاء بحال، بل هو حسن مشروع، والله قادر على أن يرفع ما بالعبد من البلاء مهما عظم وتزايد.

والذي أجاب دعاء يونس في بطن الحوت، ونجى أيوب ورفع عنه الضر، ورد يوسف على أبيه بعد غيبة سنين طوال، قادر على أن يرفع بلاء أي شخص مهما كان.

فعلى العبد أن يدعو ربه ويتضرع إليه، واثقا بواسع فضله، محسنا الظن به، فإن دعاءه وسؤاله رفع البلاء من حسن الظن به بلا شك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني