الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: وأجملوا في الطلب

السؤال

كيف نوفق بين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجملوا في الطلب ـ وبين ما ذكر في شأن نبي الله موسى، وبعض السلف: أنهم كانوا يسألون الله كل شيءٍ، حتى الملح؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تعارض بين ما ذكر، وقد وردت النصوص بالأمر بسؤال الله الحوائج، حتى شسع النعل، إذا انقطع، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر، وأما الإجمال في الطلب: فمعناه: أن تطلب الرزق طلباً جميلاً، فتطلبه من حله، بدون حرصٍ، ولا تهافتٍ، وليس معناه ـ كما فهمته ـ أن تسأل سؤالاً مجملاً، غير مفصلٍ.

قال المناوي في شرح قوله: وأجملوا في الطلب: فاتقوا الله ـ أي ثقوا بضمانه، لكنه أمرنا تعبداً بطلبه من حله، فلهذا قال: وأجملوا في الطلب ـ بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة، بغير كدٍ، ولا حرصٍ، ولا تهافتٍ على الحرام، والشبهات. انتهى.

وقال القاري: وَأَجْمِلُوا ـ أَيْ: مِنَ الْإِجْمَالِ، أَيْ: وَأَحْسِنُوا: فِي الطَّلَبِ ـ أَيْ: فِي تَحْصِيلِ الرِّزْقِ، وَلَا تُبَالِغُوا فِي طَلَبِهِ، فَإِنَّكُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ بِطَلَبِ الرِّزْقِ، قَالَ تَعَالَى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ {الذاريات: 56 - 58} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى {طه: 132} فَالْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ، أَوِ الْمَعْنَى: اطْلُبُوا مِنَ الْحَلَالِ، فَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ. انتهى.

وإذا علمت أن الأمر بالإجمال معناه: الإحسان في الطلب ـ وليس كما توهمته في معناه ـ زال عنك الإشكال، والحمد لله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني