الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول: "مطر مارسٍ ذهبٌ خالصٌ"

السؤال

في بلادنا ينتشر عند الناس قول: "مطر مارسٍ ذهبٌ خالصٌ"، ومعناها: أن المطر في هذا الشهر يكون نافعًا، فما حكم هذا القول؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في هذه العبارة؛ فإن إضافة المطر إلى الزمان الذي جرت العادة بأن ينزل الله الغيث فيه جائزٌ، وإنما المحذور هو نسبة المطر إلى غير الله سبحانه، قال ابن رجب في فتح الباري: فأما إن قال: مطرنا في نوء كذا وكذا، ففيه لأصحابنا وجهان:

أحدهما: أنه يجوز، كقوله: في وقت كذا وكذا، وهو قول القاضي أبي يعلى، وغيره، وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال للعباس - رضي الله عنه - وهو يستسقي: يا عباس، كم بقي من نوء الثريا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن أهل العلم بها يزعمون أنها تعترض بالأفق بعد وقوعها سبعًا، فما مضت تلك السبع حتى أغيث الناس. رواه ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن ابن المسيب، قال: حدثني من لا أتّهم، عن عمر - فذكره.

والوجه الثاني: أنه يكره، إلا أن يقول مع ذلك: برحمة الله، وهو قول أبي الحسن الآمدي من أصحابنا، واستدلّ للأول بما ذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: إذا نشأت بحريتها فشاءمت؛ فتلك عين غديقة ـ وهذا من البلاغات لمالكٍ، التي قيل: إنه لا يعرف إسنادها. اهـ.

وفي مطالب أولي النهى للرحيباني: وسنّ قول: مطرنا بفضل الله، ورحمته، ويحرم قول: مطرنا بنوء كذا؛ لخبر زيد بن خالدٍ، وهو في الصحيحين، ولمسلمٍ عن أبي هريرة مرفوعًا: ألم تروا إلى ماذا قال ربكم؟ قال: ما أنعمت على عبادي من نعمةٍ، إلا أصبح فريقٌ منهم بها كافرين، ينزل الغيث فيقولون: الكوكب كذا وكذا ـ وفي رواية: بكوكب كذا وكذا ـ؛ فهذا يدلّ على أن المراد كفر النعمة.

وإضافة مطرٍ إلى نوءٍ دون الله اعتقادًا كفرٌ إجماعًا، قاله في الفروع، وغيره؛ لاعتقاده خالقًا غير الله.

ولا يكره قول: مطرنا في نوء كذا، ولو لم يقل: برحمة الله، خلافًا للآمدي.

والنوء: النجم مال للغروب، قاله في القاموس: والأنواء ثمانيةٌ وعشرون منزلةً، وهي منازل القمر المشار إليها بقوله تعالى: والقمر قدرناه منازل {يس:39}. اهـ. وراجع للفائدة الفتوى: 132607.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني