الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة للشابّ الذي يترك الصلاة بسبب إدمانه على الخمر

السؤال

أنا شاب أصلّي أحيانًا، وأقطع الصلاة فترات أخرى؛ لكوني أشرب الخمر، فما جزاء ذلك؟ فأنا دائمًا أتوب، ثم أرجع للخمر.
وعلى فترات عندما أستيقظ من النوم أسبّح وأصلّي، فهل يجوز ذلك؟ أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأن تركها والانقطاع عنها كبيرة من أعظم الكبائر، وجريمة من أعظم الجرائم التي يعاقب عليها الشرع، فكيف يليق بمن ينتمي إلى الإسلام أن يترك الصلاة، ويقطع الصلة بينه وبين ربّه!؟ فهذا من الخطورة بمكان، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، وقال سبحانه وتعالى: فَخلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}.

وكذلك شرب الخمر؛ فإنه كبيرة من أعظم الكبائر، وقد توعّد الله شارِبَها باللعن، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها. رواه أبوداود، وغيره، وصححه الأرناؤوط.

فعليك أن تبادر بالتوبة، والرجوع إلى الله تعالى قبل فوات الأوان؛ فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وذلك بالإقلاع في الحال عن الذنوب، والندم على ما فات، والعزم الجازم على عدم العود إليه فيما بقي من العمر.

فإذا فعلت ذلك؛ فأبشِرْ بالخير.

واعلم أن توبة الشاب لها مزية على توبة غيره، وهي أحبّ إلى الله تعالى، كما جاء في لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي: وتوبة الشاب أحسن وأفضل في حديث مرفوع خرّجه ابن أبي الدنيا: إن الله يحبّ الشابّ التائب.

لذلك ننصحك بالتوبة، والمحافظة على الصلاة، والبُعْد عن أمّ الخبائث؛ حتى تكون من المقبولين عند الله تعالى، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}، وقال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82} وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ {آل عمران:133-136}، وقال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة:39}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني