الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة من وضعت أسنانا من ذهب وماتت

السؤال

أمي انتقلت إلى رحمة الله قبل أسبوع، وأمي وضعت سنين من ذهب، بدل الأسنان التي سقطت.
سؤالي هو: هل عليهما زكاة؟ علما أن الذهب عيار 21.
وعندي استفسار وهو: هل ما تسمى الختمة حلال أم حرام؟ علما بأنها اجتماع المشايخ والطلبة، ويتلو كل واحد جزءا من القرآن على روح أمي، ثم هنالك وليمة عشاء لهم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا زكاة في أسنان الذهب ونحوها مما يجوز اتخاذه، قال ابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات»: من اتَّخذَ ‌أنفًا ‌من ‌ذهبٍ، أو ربطَ به أسنانه، فلا ‌زكاة فيه. اهـ.

وقال الماوردي الشافعي في «الحاوي الكبير»: يجوز للأجدع من الرجال والنساء أن يتخذ أنفا من فضة أو ذهب ... ويجوز للرجل والمرأة أن يشدا أسنانهما بالذهب والفضة .. وإذا كان ذلك مباحا نظر، فإن نشب في العضو وتراكب عليه اللحم صار كالمستهلك، ولا ‌زكاة فيه، وإن كان بخلاف ذلك بحيث يمكن نزعه ورده، فزكاته على قولين. اهـ. يعني القولين في الحلي المباح، كما قال الدميري في «النجم الوهاج في شرح المنهاج».

والأسنان ليست كالأنف، فإنها تنشب في العضو، فلا يكون فيها زكاة مطلقا؛ ولذلك قال الخطيب الشربيني في «مغني المحتاج»: يجوز أيضا شد السن به عند تحريكها، ولا زكاة فيما ذكر، ‌وإن ‌أمكن ‌نزعه ورده، كما هو قضية كلام الماوردي. اهـ.

ومع ذلك، فالقول الراجح في زكاة الحلي المباح أنه لا زكاة فيه.

قال ابن قدامة في «المغني»: كل ما أبيح من الحلي، فلا ‌زكاة فيه، إذا كان معدا للاستعمال. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى: 127824.

وهذا إذا دفنت المتوفاة بأسنانها الذهب -كما قد يفهم من السؤال-، وأما إن كان مراد السائل أنهم نزعوا هذه الأسنان، وهو يسأل عن زكاتها بالنسبة للورثة، فمثل هذا الذهب لا يتخذه أحد من الورثة للحلي أو الزينة المستعملة، وبالتالي فهو من جنس ما تجب فيه الزكاة.

جاء في (الموسوعة الفقهية): اتفقوا على وجوب الزكاة في الحلي المكنوز المقتنى الذي لم يقصد به مقتنيه استعمالا محرما، ولا مكروها، ولا مباحا؛ لأنه مرصد للنماء، فصار كغير المصوغ، ولا يخرج عن التنمية إلا بالصياغة المباحة ونية اللبس. اهـ.

وعلى ذلك، فمن كان هذا الذهب في سهمه، وكان لا يملك من الأموال الأخرى ما يكمل به النصاب؛ فلا زكاة عليه؛ لعدم ملك النصاب.

وأما إن كان يملك من غيره ما يكمل به النصاب -وهو (85) جراما من عيار (24)- فإنه يزكيه إن حال عليه حول من تاريخ وفاة الوالدة.

وانظر الفتاوى: 265، 434767، 294226.

وأما عمل الختمة للميت بالصفة المعهودة، فهذا من البدع المحدثة. وراجع في ذلك الفتويين: 2504، 45685.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني