الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيير عقد البيع من التقسيط إلى النقد بعد الاتفاق على التقسيط

السؤال

اشترى مني رجل بضاعة ما، فقلت له نقدا بـ: 30 ألف جنيه، وتقسيطا بـ: 40 ألفًا، فقال سآخذها تقسيطا، ولكن أمهلني لأقل من شهر فسيأتيني مال، وسأدفعه لك، واستلم حاجته، وانتظرته، ثم رجع، وقال سآخدها نقدا، وأعطاني مهلة بسيطة، وظل يماطل ثلاثة أشهر، ثم أتاه المال، فلم يعطه لي، وبعد كثير من المطالبة قال سآخذها تقسيطا، فقلت له ثمنها: 40 ألفا عند التقسيط، وستدفع: 15 ألفا مقدمة، وأقساطًا بمعدل ألف ونصف عن كل شهر، عن ثلاثة أشهر مضت، وستدفع لي الآن: 20 ألفا، وتبقى: 20 ألفا تدفعها خلال عام، فتراجع، وقال سآخذها نقدا، وبعد مطالبته لمدة أسبوع دفع لي: 20 ألفا فقط، وقال لي أمهلني إلى ما بعد رمضان بـ: 10 آلاف الباقية، فقلت له لا، هي: 20 ألفا المفروض أن تدفع بالتقسيط، وتسهيلا عليك اعتبرتها ثمن جزء من البضاعة نقدا، و10 آلاف الباقية نحسبها بالتقسيط. فهل هذه المعاملة حلال؟ مع العلم أنه هو من أخلف الوعد، وغيَّر رأيه أكثر من مرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسؤال لم يتضح لنا بالقدر الكافي، ويمكننا أن نقول على وجه العموم: إن مثل هذا البيع لا يصح إلا إذا تعيَّن أحد الثمنين في مجلس العقد، فإذا لم يتعيَّن فسد العقد، لكونه من البيعتين في بيعة، الذي نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما رواه الترمذي، وقال بعد روايته: والعمل على هذا عند أهل العلم، وقد فسر بعض أهل العلم قالوا: بيعتين في بيعة، أن يقول: أبيعك هذا الثوب بنقد بعشرة، وبنسيئة بعشرين، ولا يفارقه على أحد البيعين، فإذا فارقه على أحدهما، فلا بأس، إذا كانت العقدة على أحد منهما. انتهى.

وقال ابن عبد البر في التمهيد: اتفق مالك، والشافعي، وأبو حنيفة على فساد البيع إذا كان من باب بيعتين في بيعة، على حسب ما ذكرنا من النقد بكذا، والنسيئة بكذا، أو إلى أجلين، أو نقدين مختلفين، أو صفتين من الطعام مختلفتين، وما أشبه هذا كله. اهـ.

وعلى ذلك، فإذا انفضَّ مجلس العقد على أحد الثمنين، وصح العقد، لزم البيع، وثبت الثمن المعين في ذمة المشتري، ولم يملك الرجوع عن البيع، إلا بإقالة المشتري له.

وإذا انفضَّ مجلس العقد دون تعيين للثمن، فسد البيع، والبيع إذا فسد فُسِخ، ورجع لكل من المتبايعين ما بذل، فيرجع الثمن للمشتري، والسلعة للبائع، وإذا هلكت السلعة، أو تلفت في يد المشتري وجب عليه قيمتها للبائع، على خلاف بين أهل العلم في اليوم الذي تعتبر فيه القيمة، هل هو يوم القبض؟ أم يوم الفوات؟ أم يكون كضمان الغاصب، فيغرم أقصى القيم، من يوم القبض إلى يوم الفوات؟

قال الجويني في نهاية المطلب: ‌إذا ‌فسد ‌البيع بفساد الشرط في أحد العوضين، فالبيع الفاسد لا يفيد الملك عندنا، سواء اتصل به القبض، أو لم يتصل... ثم ما قبضه المشتري مضمون عليه، ولو تلف في يده، لزمته قيمته للبائع... ثم إذا ضمناه القيمة، فالاعتبار بأية قيمة؟ ذكر الأئمة في طرقهم ثلاثة أقوال... اهـ.

وقال قاضي خان في شرح الزيادات: إذا ‌فسد ‌البيع، يلزمه رد المبيع إن كان قائمًا، وقيمته إن كان هالكًا. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: إن حكمنا بفساد العقد، لم يحصل به ملك، سواء اتصل به القبض، أو لم يتصل... وعليه رد المبيع، مع نمائه المتصل والمنفصل، وأجرة مثله مدة بقائه في يده، وإن نقص ضمن نقصه؛ لأنها جملة مضمونة، فأجزاؤها تكون مضمونة أيضا، فإن تلف المبيع في يد المشتري، فعليه ضمانه بقيمته يوم التلف. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني