الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء بجاه الصلاة على النبي محمد

السؤال

هل يجوز الدعاء بجاه الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؟
لا أقول بجاه النبي محمد، بل أدعو بجاه الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
مثال: اغفر لي، وارحمني، واشفني، وعافني، واعف عني، بجاه الصلاة على سيدنا محمد. هل يجوز ذلك؟
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم نقف في شيء من كلام العلماء على الدعاء بجاه الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسها.

وعلى كل: فتوسل الداعي بصلاته هو على النبي -صلى الله عليه وسلم-، هو من التوسل بالعمل الصالح، وهو توسل مشروع، كما سبق في الفتوى: 16690.

واعلم أن من آداب الدعاء اجتناب التكلف، قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55}.

قال القرطبي في تفسيره: ومِنها -أي: أنواع الاعتداء في الدعاء- أنْ يَدْعُوَ بِما لَيْسَ فِي الكِتابِ والسُّنَّةِ، فَيَتَخَيَّرُ ألْفاظًا مقفاة وكَلِماتٍ مُسَجَّعَةً قَدْ وجَدَها فِي كَرارِيسَ لا أصْلَ لَها، ولا مُعَوِّلَ عَلَيْها، فَيَجْعَلُها شِعارَهُ، ويَتْرُكُ ما دَعا بِهِ رَسُولُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ. وكُلُّ هَذا يَمْنَعُ مِنِ اسْتِجابَةِ الدُّعاءِ. اهـ.

ولا ينبغي للمسلم أن يترك أدعية الأنبياء المذكورة في الوحي، ويستبدل بها صيغا محدثة متكلَّفة.

قال القاضي عياض: أذن الله في دعائه، وعلم الدعاء في كتابه لخليقته، وعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- الدعاء لأمته. واجتمعت فيه ثلاثة أشياء: العلم بالتوحيد، والعلم باللغة، والنصيحة للأمة. فلا ينبغي لأحد أن يعدل عن دعائه -صلى الله عليه وسلم-.

وقد احتال الشيطان للناس من هذا المقام، فقيَّض لهم قوم سوء يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. اهـ.

وقال أبو بكر الطرطوشي: ومن العجب العجاب أن تعرض عن الدعوات التي ذكرها الله في كتابه عن الأنبياء والأولياء والأصفياء مقرونة بالإجابة، ثم تنتقي ألفاظ الشعراء والكتاب؛ كأنك قد دعوت في زعمك بجميع دعواتهم، ثم استعنت بدعوات من سواهم. اهـ.

نَقَل هذين النصين ابن علان في كتابه: الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية.

ولا شك أن الأنفع أن يدعو المسلمُ اللهَ -عز وجل- بالأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يَستحِبُّ الجَوامِعَ مِن الدُعاء، ويَدَعُ ما سِوى ذلك. أخرجه أبو داود، وابن حبان في صحيحه، وصححه الحاكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني