الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة من كان يفعل المنكرات والمعاصي جاهلا، وهل يعاقبه الله؟

السؤال

أنا طالب في الثانوية العامة، بدأت الصلاة في سن ال 15.
كنت أقوم بأشياء سيئة كثيرة مثل مشاهدة الأفلام الإباحية، وممارسة العادة السرية، والشتم الخ. ليس بسبب أنني أريد ذلك، لكن لم أعرف أن هذه الأشياء حرام.
ولما جاءت كورونا والحجر، جلست، وتبت إلى الله، وتحسنت كثيرا.
الآن هل الأعمال التي كنت أقوم بها قبل التوبة سوف أحاسب عليها، وذلك لأنني لم أكن أعرف أنها حرام؟
أقسم بالله أنني لو كنت أعرف لتوقفت عنها، لكن لا توجد توعية من الأهل في مثل هذه الأمور.
لما عرفت أضرار الأفلام الإباحية من الناحية الدينية حاولت التوقف، لكن لم أستطع، مع أنني أصلي، وأصوم، وأقرأ القرآن، لكن أفعل هذه الذنوب: ممارسة العادة والأفلام الإباحية، أقوم بهذه الأفعال كل شهر، مع أنني لا أريد ذلك، لكن اليوم قرأت أن الشخص الذي يقوم بهذه الأفعال سيعاقبه الله -تعالى- في الدنيا والآخرة، وأنا حقاً جاهل بهذه الأمور.
لو تبت إلى الله -تعالى- ابتداء من اليوم. هل سيسامحني الله -تعالى- على الذنوب التي قمت بها قبل أن أعلم ذلك؟ وكيف أوقف هذه الأفعال الشنيعة؟
آسف جداً، لكن المشاعر جعلتني أكتب قصة حياتي السوداء، وأتمنى أن يهديني الله -تعالى- وأن يصرفني عن طريق الأذى، وأنا أريد التوبة الفعلية، ولا أريد العودة إلى ذلك الطريق الأسود.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله -تعالى- أن يغفر لك، ويتوب عليك، ويرزقك الهداية إلى الطريق القويم، ويجعلك من ورثة جنات النعيم.

وما دمت تشعر بتأنيب الضمير، وحاجتك إلى التوبة والمغفرة؛ فأبشر فإنك على خير، وجزاك الله خيرا على حرصك على الصلاة والصوم، وقراءة القرآن.

أما مشاهدة الأفلام الإباحية فإنها منكر، وكذلك ممارسة العادة السرية، وسبق أن بينا ذلك في الفتويين: 341746، 7170. وفضله -سبحانه- عظيم، ومغفرته واسعة، قال تعالى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وروى أحمد والترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

فأقبل على التوبة، وأحسن الظن بربك، فهو عند ظن عبده به، ولا تيأس، فإنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الخاسرون. ومن تاب توبة صادقة، لا يعاقبه الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ونحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعا ولا قدرا. انتهى.

ولمعرفة ما يعينك على سلوك طريق الاستقامة، وتجنب سبل الغواية، انظر الفتاوى: 10800، 1208، 12928.

ونضيف هنا أن الصلاة ينبغي أن تكون زاجرة عن فعل المنكرات، قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.

وبخصوص فعلك هذه المنكرات في الماضي، وما ذكرت من جهلك بحكمها، فإن كنت جاهلًا بحكمها، فإنك لا تأثم إذا كنت ممن يعذر بالجهل، وقد ذكرنا ضابط العذر بالجهل، وأنه يختلف باختلاف الأحوال والمسائل، كما هو مبين في الفتوى: 19084.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني