الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة

السؤال

لم أكن أصلي لمدة سنة، وأنا الآن أقضي تلك الصلوات. إذا فاتتني صلاة من الصلوات الحاضرة؛ هل أصليها، أو أنتظر إلى أن أنتهي من صلوات السنة التي لم أكن أصلي فيها، ثم أصلي تلك الصلاة الفائتة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالترتيب بين الفوائت المقضية، وبينها وبين الحاضرة، محل خلاف بين أهل العلم.

فمن العلماء من أوجبه مطلقا، ومنهم من أوجبه إلا إذا كثرت الفوائت، ومنهم من لم يوجبه مطلقا. وعلى القول بوجوبه مطلقا -وهو قول الحنابلة-، فالواجب عليك الترتيب بين الفوائت. فتصلي أقدمها ثم التي تليها وهكذا، ولا تصلي الحاضرة إلا إذا خشيت خروج وقتها، فتقضي الصبح ثم الظهر إلى أن تنهي صلوات اليوم، ثم تقضي صلوات اليوم الذي يليه وهكذا، ولا تصلي الحاضرة إلا إذا خشيت خروج وقتها، ولا تقضي فائتة فاتتك مؤخرا قبل الفوائت التي قبلها.

قال في شرح الإقناع: ِ (وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ فَأَكْثَرَ) مِنْ صَلَاةٍ (لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا) لِحَدِيثِ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ، أَوْ نَسِيَهَا؛ فَلْيُصَلِّ إذَا ذَكَرَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (مُرَتِّبًا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ؛ لِأَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْأَحْزَابِ «صَلَّى الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتَهَا، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَدْ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ....

(فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ، أَوْ) خَشِيَ (خُرُوجَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ؛ سَقَطَ وُجُوبُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَوْرِ وَالتَّرْتِيبِ... (وَإِنْ نَسِيَ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ حَالَ قَضَائِهَا) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرٌ وَعَصْرٌ مَثَلًا، فَنَسِيَ الظُّهْرَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْعَصْرِ (أَوْ) نَسِيَ التَّرْتِيبَ (بَيْنَ حَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ حَتَّى فَرَغَ) مِنْ الْحَاضِرَةِ (سَقَطَ وُجُوبُهُ) أَيْ: التَّرْتِيبِ، لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عُفِيَ لِأُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. انتهى.

وراجع الفتوى: 418858 .

وأما على القول بعدم وجوب الترتيب -وهو ما نختاره، ونفتي به- فالأمر واسع، ويجوز لك قضاء تلك الفائتة قبل الفوائت الأخرى، ويجوز لك كذلك صلاة الحاضرة قبل فعل الفوائت، ولا يجب عليك شيء مما تقدم من لزوم الترتيب.

وهذا القول أرفق بك، فضلا عن قوته في الدليل.

وانظر الفتوى: 141086.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني