الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين التوكل والتواكل

السؤال

أعمل بمهنة التدريس الجامعي، وقد حصلت المجلة الخاصة بالكلية على أعلى تقييم على مستوى باقي الجامعات، مما يعنى أنه يجب عليَّ نشر أبحاث ترقيتي بها.
تكمن المشكلة في أن رئيس تحرير المجلة -وهو عضو هيئة تدريس- كان لا يريد أن أحصل على دكتوراه، ووقف في طريقي كثيرا من قبل.
والآن أخشى أنني عند ما أقوم بإرسال بحث ترقية إلى المجلة، أن يقوم بشيء يضرني، أو أن يقوم برفض بحثي، وأن يقف في طريقي مرة أخرى.
ولكن بداخلي أعرف وأؤمن أن التوكل على الله وحده هو طريق التوفيق والخلاص من كل أذى وشر، وأن الله وحده هو القادر على كل شيء.
فأرجو إفادتي هل يعتبر ذلك من التواكل، أو عليَّ الأخذ بالأسباب، علما بأنه لا توجد مجلة أخرى بنفس التقييم العالي؟
ولكم جزيل الشكر والامتنان.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفقك، وييسر أمرك.

ومعرفتك وإيمانك بأن (التوكل على الله وحده هو طريق التوفيق والخلاص من كل أذى وشر، وأن الله وحده هو القادر على كل شيء) -كما ذكرت- ليس تواكُلًا.

وإنما التواكل والعجز المذموم: هو ترك الاجتهاد، والتقاعس والتكاسل عن الأخذ بالأسباب بحجة أن التوكل على الله بالقلب كافٍ في تحقيق المراد.

قال ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابًا نقص في العقل. والإعراض عن الأسباب المأمور بها، قدح في الشرع؛ فعلى العبد أن يكون قلبه معتمدًا على الله لا على سبب من الأسباب..

فإن كانت الأسباب مقدورة له، وهو مأمور بها، فَعَلَها مع التوكل على الله، كما يؤدي الفرائض، وكما يجاهد العدو، ويحمل السلاح، ويلبس جُنَّة الحرب.

ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أمر به من الجهاد، ومن ترك الأسباب المأمور بها، فهو عاجز مفرط مذموم. اهـ.

لذا؛ فخذي بالأسباب، وانشري تلك الأبحاث متوكلة على الله تعالى، وقد قال تعالى: ...وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 3}.

وراجعي الفتوى: 161241.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني