الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء على الجدة والعمات وإظهار الفرح بموتهن بسبب ظلمهن

السؤال

جدتي -والدة أبي- وعماتي يظلمنني، ويظلمن إخوتي ظلمًا شديدًا، وكأنه لا يوجد شيء اسمه يوم القيامة. وكلما تكلمنا مع أبي في هذا الموضوع يغضب، ويصرخ ويهددنا. هل يجوز لي أن أدعو عليهن؟ وهل يجوز لي أن أظهر فرحي بموتهن؟ آسف على هذه القسوة، ولكن الظلم مُرٌّ.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال ما ذكرت من ظلم جدتك وعماتك لك ولإخوتك؛ فلا شك في أن هذا منكر عظيم.

فقد جاء الشرع بالنهي عن الظلم، ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.

ويتأكد تحريمه في حق ذوي الرحم؛ لما للرحم من منزلة عظيمة؛ إذ تجب صلتها، وتحرم قطيعتها، وقد قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء: 1}. أي اتقوا الأرحام فلا تقطعوها.

والجدة بمنزلة الأم، فيجب برها، ويحرم عقوقها، فلا يجوز لك الدعاء عليها، وإن ظلمتك، ولا تظهر الفرح بموتها، بل ينبغي أن تتمنى حياتها لتكسب برها، فمن حقها أن تبر، وإن أساءت، وراجع الفتوى: 325975.

والعمة كذلك فهي من الرحم القريبة الواجب صلتها، فلها حقها في البر، ومنع القطيعة، والدعاء عليها أو إظهار الفرح بموتها ينافي ذلك. وفي حديث مسلم: أن رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن لي قرابة أصلهم، ويقطعوني؛ وأحسن إليهم، ويسيئون إليَّ؛ وأحلم عنهم، ويجهلون عليَّ، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

فنوصي بالصبر عليهن؛ ففي الصبر خير كثير، وعليكم بكثرة الدعاء لهن بالهداية والصلاح، وتوسيط أهل الخير لبذل النصح لهن بالحسنى، عسى الله أن يجعلهم سببا لردهن لجادة الصواب، وسلوك سبيل الهداية والرشاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني