الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الزوجة من التواصل بالصوت والصورة مع أخواتها بين وجوب المنع وعدمه

السؤال

هل يحق لي أن آمر زوجتي بعدم التواصل مع أخواتها عبر الوسائل الاجتماعية صوتاً وصورة، خوفاً من أن يشاهد ذلك زوج أختها؟ فلدى زوجتي مجموعة خاصة مع أخواتها عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، ويقمن بمراسلة بعضهن بالصوت والصورة، وإرسال الصور، وفي إحدى المرات سمعت صوت أحد أزواجهن يرد عليهن بدلا من زوجته، فهل يحق لي أن آمر زوجتي بالخروج منها، وعدم مراسلتهن حتى على الخاص، خوفا من أن يقوم أحد الأزواج بسماع ومشاهدة ما أرسلنه لها؟ أفيدوني في ذلك أكرمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فغيرة المسلم على عرضه وعلى حرمات الله، دلالة خير، وعلامة إيمان، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه. وأصل الحديث في الصحيحين.

ولكن مما ينبغي أن يُعْلَم أن الغيرة منها المحمود ومنها المذموم، كما ثبتت بذلك السنة، ففي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الغيرة ما يحب الله، فأما ما يحب الله: فالغيرة في الريبة، وأما ما يكره: فالغيرة في غير ريبة.

فانظر في حال زوجتك، فإن كانت مستقيمة وليس هنالك ما يدعو للريبة، فلا تمنعها من التواصل مع أخواتها، ويمكن أن تشير عليها بسلوك سبيل الاحتياط وعدم نشر صورها.

وإن كان هنالك ما يدعو للخوف عليها، فلك الحق في منعها، إذ الواجب عليك صيانة زوجتك ومنعها من أسباب الفتنة، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم: 6}.

قال القرطبي في تفسيره: فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية، ففي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم ـ وعن هذا عبر الحسن في هذه الآية بقوله: يأمرهم وينهاهم. انتهى.

والحديث المذكور متفق عليه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني