الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلو ذمة المدين من الدين بإبراء الدائن إياه

السؤال

أخذ رجل بضاعة من تاجر على أن يسدد دينها فور بيعها، والحصول على ثمنها. ولكنه سلمها للمشتري، فاحتال عليه في ثمنها، وأكل حقه بالباطل. ومع ذلك ظل الرجل يسدد إلى أن سدد ربع ثمنها من حُرِّ ماله خلال سنتين، وأصبح فقيرا، ثم توفي وعليه دين كبير 3/4 ثمن البضاعة.
وقبل غسله أو صلاة الجنازة سامحه التاجر، وأسقط الدين عنه؛ فدعا له أهل الميت بظهر الغيب؛ لينال خير الجزاء، حيث أصبحت ذمة المتوفى بريئة أمام الله، ونفسه غير معلقة وبرد جلده. وتمت صلاة الجنازة ودفن المتوفى -رحمه الله-.
وبعد أسبوعين من دفنه اتصل أهل المتوفى بالتاجر لعمله الطيب، ولشكره على إسقاط الدين عن المتوفى وتصدقه عليه، وتذكره لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. ولكنهم فوجئوا برجوع التاجر في مسامحته، وطلب الدين مرة أخرى.
فهل هذا صحيح أو جائز، أو يحل له ذلك؟ "فالساقط لا يعود"؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس للدائن الذي أبرأ غريمه من الدين أن يرجع ويطالب بدينه، فإن ذمة المدين تخلو بالإبراء، والساقط لا يعود.

ويتأكد هذا في حق الميت؛ لأن الإبراء يتم بمجرد إيجاب الدائن، ولا يحتاج إلى قبول من المدين، ولكن المدين إذا رده في المجلس ارتد، والميت لا يمكنه الرد، فيسقط الدين عنه بمجرد إيجاب الإبراء من الدائن.

وراجع في ذلك الفتاوى: 97052، 129304، 133971.

وهذا هو مقتضى مذهب جمهور أهل العلم في الإبراء من الدين.

وإذا أصر التاجر على طلب حقه، فلا مناص من رفع الأمر للقضاء الشرعي، أو من ينوب منابه للفصل فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني