الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاحتفاظ باللعب والدمى بعد البلوغ

السؤال

شخص كانت عنده بعض الألعاب والدمى، لذوات الأرواح عندما كان طفلا، والآن كبر في السن، ولم يعد يلعب بها، ولا يوجد لديه أطفال، فهل احتفاظه بهذه الصورة في علبة -مثلا- أو وضعها على الأرض يبقيها في حكم التماثيل المحرمة؟ وما حكم إصلاحها إذا كسرت؟ وقد قرأت عدة فتاوى مفادها حرمة اقتناء الدمى بعد كبر الشخص، أرجو الإجابة بالأدلة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في حكم اتخاذ اللعب على صورة الحيوان للصغار، فذهب جمهورهم إلى جواز ذلك، ومن العلماء من ذهب إلى جواز استعمال غير الصغار لها متى وجدت في ذلك مصلحة، وقد فصلت الموسوعة الفقهية الكويتية هذا الحكم، فجاء فيها: تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْل الْجُمْهُورِ جَوَازُ صِنَاعَةِ اللُّعَبِ الْمَذْكُورَةِ، فَاسْتِعْمَالُهَا جَائِزٌ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَنَقَل الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنِ الْعُلَمَاءِ، وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، قَال: قَال الْقَاضِي: يُرَخَّصُ لِصِغَارِ الْبَنَاتِ، وَالْمُرَادُ بِصِغَارِ الْبَنَاتِ مَنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ مِنْهُنَّ، وَقَال الْخَطَّابِيُّ: وَإِِنَّمَا أَرْخَصَ لِعَائِشَةَ فِيهَا، لأَِنَّهَا إِذْ ذَاكَ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغٍ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي الْجَزْمِ بِهِ نَظَرٌ، لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ، لأَِنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- كَانَتْ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِنْتَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ فَكَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ قَطْعًا، فَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ التَّرْخِيصَ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى مَنْ دُونَ الْبُلُوغِ مِنْهُنَّ، بَل يَتَعَدَّى إِِلَى مَرْحَلَةِ مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، مَا دَامَتِ الْحَاجَةُ قَائِمَةً لِذَلِكَ، وَالْعِلَّةُ فِي هَذَا التَّرْخِيصِ تَدْرِيبُهُنَّ عَنْ شَأْنِ تَرْبِيَةِ الأَْوْلاَدِ، وَتَقَدَّمَ النَّقْل عَنِ الْحَلِيمِيِّ: أَنَّ مِنَ الْعِلَّةِ أَيْضًا اسْتِئْنَاسَ الصِّبْيَانِ وَفَرَحَهُمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَحْصُل لَهُمْ بِهِ النَّشَاطُ، وَالْقُوَّةُ، وَالْفَرَحُ، وَحُسْنُ النُّشُوءِ، وَمَزِيدُ التَّعَلُّمِ، فَعَلَى هَذَا لاَ يَكُونُ الأَْمْرُ قَاصِرًا عَلَى الإِِْنَاثِ مِنَ الصِّغَارِ، بَل يَتَعَدَّاهُ إِِلَى الذُّكُورِ مِنْهُمْ أَيْضًا، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ: فَفِي الْقُنْيَةِ عَنْهُ: يَجُوزُ بَيْعُ اللُّعْبَةِ، وَأَنْ يَلْعَبَ بِهَا الصِّبْيَانُ. انتهى.

وعلى هذا القول: فمن احتاج لتلك اللعب ولو بعد بلوغه جاز أن يلعب بها، ومن لم يحتج إليها فالظاهر أن عليه أن يتخلص منها، لعموم النهي عن اتخاذ الصور، واستثني ما دعت إليه الحاجة، فبقي غيره على عموم المنع، ومن المتقرر عند الفقهاء أن الشيء الذي يحرم على المسلم أن يستعمله ويستخدمه، يحرم عليه ملكه واتخاذه، لأن اتخاذه يفضي إلى استعماله، وما يفضي إلى الحرام، فهو حرام، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: القاعدة السادسة والعشرون: ما حرم استعماله حرم اتخاذه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني