الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قبول الولد شقة من أبيه لا يعلم حقيقة حصوله عليها

السؤال

‎نعرف عن أبي أنه يُزوِّر أوراقا، ويأخذ أشياء لا تحل له الخ.
باع أبي لرجل أرضا، وأخذ في مقابلها أكثر من شقة، مع مبلغ مالي. الرجل الذي أشترى من أبي الأرض ليس سوياً؛ لأن أبي زوَّر له أكثر من مستند.
تعثَّر الرجل في سداد المبلغ المالي مقابل الأرض، فقانوناً لأبي الحق في أن يفسخ عقد البيع، ويسترد الأرض دون أن يرد له أي شيء إن كان هذا من بنود عقد البيع.
أعطاني أبي شقة واحدة من الشقق التي أعطاها الرجل له. ولكن الشقة ليست ملكا لأبي؛ فالرجل وكَّل أبي في التصرف في بيعها وإيجارها، وأن يفعل بها ما يشاء بموجب توكيل عام، لكن لم يبعها له، لكن باع بقية الشقق له.
أنا لا أعلم بنود عقد البيع، ولا أعلم لماذا وكل الرجل أبي التصرف في الشقة ولم يبعها له، ولا أعلم إذا هذا التوكيل جزءا من بيع الأرض، أم مقابل مصلحة أخرى؟
لا يمكنني أن أسأل أبي؛ لأنه من المستحيل أن يقول الحقيقة، والرجل جارنا، ولا يمكنني أن أسأله أيضا؛ لأنهما على خلاف، وإذا سألته سوف تترتب على ذلك مفاسد كثيرة. والرجل لم يصدر منه أي رد فعل عندما استرد أبي الأرض، ولم يعطه شققه.
فهل الشقة التي أعطاني أبي إياها بموجب التوكيل حلال لي أم حرام؟ ماذا أفعل؟
علماً بأنه ليست لدي معلومة عن مصدر الشقة، أو تفاصيل الاتفاق بين أبي والرجل، كل ما أعرفه أن أبي والرجل غير سويين، وما دون ذلك لا يمكنني الوصول إليه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطالما أن السائل لا يعلم حقيقة الواقع، ولا حال هذه الشقة، ولكن يعلم أن أباه وهذا الرجل ليسا سويين! فالأفضل أن يتورع عن قبولها.

قال ابن الجوزي في «تلبيس إبليس»: كان الصالحون لا يقبلون عطاء ظالم، ولا ممن فِي ماله شبهة. اهـ.

وانظر للفائدة، الفتوى: 364891.

ومع ذلك، فلا يحكم بحرمتها على السائل؛ لكون الأمر مشتبها وملتبسا، والغصب غير متيقن!

قال الخطابي في «معالم السنن»: ويدخل في هذا الباب معاملة من كان في ‌ماله ‌شبهة، أو خالطه ربى، فإن الاختيار تركها إلى غيرها، وليس بمحرم عليك ذلك ما لم يتيقن أن عينه حرام، أو مخرجه من حرام. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم اجتنبه. فمن علمت أنه سرق مالا، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق، لم يجز لي أن آخذه منه؛ لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة ...

وإن كان مجهول الحال: فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه ...

لكن إن كان ذلك الرجل معروفا - بأن في ماله حراما - ترك معاملته ورعا.

وإن كان أكثر ماله حراما، ففيه نزاع بين العلماء. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني