الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع الصيدلي بعض الأدوية لأناس دون غيرهم... رؤية شرعية

السؤال

إخفاء الأدوية، وبيعها لبعض الناس، وعدم بيعها لآخرين:
أعمل في صيدلية كمساعد صيدلي، وكبائع، وأحيانا نقوم بإخفاء بعض الأدوية، وصرفها لبعض الناس دون آخرين، لأنها نادرة، ومنقطعة، وأحيانا يأتينا من يبحث عن دواء مهم، وضروري لمرضه، فلا نصرفه له، ونخبره بأنه ليس عندنا، لأنه ليس زبونا عندنا، ولأنَّ الدواء منقطع، وأحيانا لأنه اشترى كامل الوصفة ما عدا هذا الدواء من صيدلية أخرى، ولأنه نادر... لا نكمل له الدواء الناقص، مع أنه متوفر عندنا، ولو علبة، حيث يحتج أحيانا صاحب الصيدلية بأن الدواء محجوز لزبائنه الدائمين، أو لأنه غير مربح، لعدم شرائه كل الوصفة من عنده، فهل هذا الفعل صحيح، لأنك لا تدري إذا كان زبونك سيحتاج هذا الدواء أم لا، وما إذا كان سيحتاج هذا الدواء بشكل دوري، فهل يجوز حجز كل هذا النوع من الدواء المتوفر له مثلا: كأن تحجز له كمية لسنة، كما يحتج أصحاب الصيدليات أيضا بأنهم اشتروا الدواء المنقطع بدواء لا يكثر عليه الطلب لذا، يحاولون هم أيضا أن يطبقوا البيع المشروط على زبائنهم، مع العلم أن الأمر ليس مع الأدوية فقط، بل مع الأدوية النادرة، وأنا أريد العودة والعمل في إحدى الصيدليات، ومعظم الصيدليات تتبع هذا الطريقة، فهل أبقى في عملي؟ وما حكم راتبي؟ وهل كله حرام؟ وهل يجوز العمل كمساعد لصيدلي مع الخبرة، وتكون قصير المدة، لأن الصيدلي لا يبقى في صيدليته، ولا يضع صيدليا دارسا للصيدلة مكانه، لينوب عنه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه لا يلزم البائع أن يبيع بضاعته لكل راغب فيها، بل له الامتناع من بيعها لفلان، ليبيعها لغيره، أو يشترط بيع بضاعة مع بضاعة أخرى، وفق ما بيناه في الفتوى رقم: 293737.

لكن قد يخرج الحكم عن هذا الأصل لعارض ما، كما لو علم الصيدلاني أن الزبون مضطر إلى هذا الدواء، لتوقف حياته عليه، أو سلامة إحدى حواسه، أو نحو ذلك، أو كانت اللوائح المنظمة تمنع ذلك الفعل لمصلحة عامة، أو لدفع مفسدة محققة، فلا تجوز مخالفتها، كما قرر العلماء في مسألة طاعة الحاكم فيما يأمر به، أو ينهى عنه، لتحقيق مصلحة عامة، أو دفع مفسدة، فيطاع فيه ظاهرا وباطنا.

وإن كان صاحب الصيدلية لا يهمه تحري ما هو مباح من ذلك، مما ليس مباحا، فعلى العامل أن يتجنب مباشرة ما ليس مباحا من ذلك، ولا حرج في البقاء في عمله.

ولو وقع الموظف في شيء مما لا يجوز له من ذلك، فإنه يأثم، لكن هذا لا يؤثر على ما يكسبه من عمله؛ لأن العقد مع صاحب العامل ليس على هذا، بل على عمل مباح من حيث الأصل، وراجع الفتوى: 342157.

وأما العمل في الصيدلية مساعدا، أو نحو ذلك من دون شهادة، ومؤهل معتبر، وإنما بمجرد الخبرة، والتكوين البسيط: فهذا لا يجوز، ويؤكد ذلك أن الغالب أن تكون اللوائح المنظمة للعمل تمنع ذلك للمصلحة العامة، وحماية لصحة الناس، وأرواحهم من تلاعب غير المؤهلين، وانظر الفتوى: 96913.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني