الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاطر التساهل في الاختلاط، وعلاقات الحب المشبوهة

السؤال

أنا فتاة في سن المراهقة، وكنت أحب شابا، وأكلم غيره، وكنت أصلي، وأصوم، وكنت ناوية التوبة، وأحاول أن أتخلص من كل هذه المعاصي، وقبل أن أنهي كل شيء هددني الشاب الذي كنت أكلمه بصوري، وأنه سيخبر أهلي، ويدمر حياتي... ودائما يطلب شيئا غير أخلاقي، ليحذف ما عنده، فأصبحت لا أرد على رسائله، ولا مكالماته، ولم أعد أحب.... أو أدخل في علاقة حب... وفي يوم من الأيام دخل شاب في حياتي محب للقرآن، ويقيم الصلاة، ومتدين جدا، ويطلب مني أن أقسم أنني لم أحب أحدا سواه، فأخبرته أنني أحببت من قبل... ولن أخبره بالتهديد، فهل يجوز أن أقسم له... على القرآن أنني لم أكلم غيره، لكي لا أخسره، والله إنني نادمة على كل ما فعلت، وأسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يقبل توبتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يحفظك، ويتوب عليك، وأما التساهل في الاختلاط، والعلاقات المشبوهة، وتبادل الصور بين الرجال، والنساء بدعوى البحث عن الزوج المناسب، هذه دعوى غير معتبرة شرعا، بل هي من حيل الشيطان، التي أوقعت الكثير من الفتيات في الفواحش، والكبائر، ومستشنع الأحوال، فعليك بالتوبة الصادقة، وقطع خطوات الشيطان على نفسك، وعلى كل من يستغل هذه الأخطاء منك، حتى وصل بهم الحال إلى ما ذكرت من التهديد، والتحايل عليك، والبحث، والاستحلاف، والتنبيش على ما تعابين به، وكل ذلك لا يأتي لك بخير، حتى ولو كان ممن يدعي التدين، وحب القرآن، فعليك -أيتها المسلمة- بقفل باب الحديث عن هذه القاذورات بالكلية، والانشغال بطاعة ربك، وإصلاح قلبك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذوراتِ التي نهى اللهُ عزَّ وجلَّ عنها، فمن ألمَّ، فليستتِرْ بسترِ اللهِ عزَّ وجلَّ. أخرجه الحاكم، والبيهقي، وحسنه الألباني.

وأعلمي أن الله سبحانه قد شرع الولي للمرأة في الزواج لحكمة كبيرة: منها أن تظل بعيدة عن الرجال، محفوظة العرض، والكرامة، والمشاعر، فلا يستغلها أحد، ولا يعيرها، أو يشوه سمعتها أحد، بل يزوجها وليها لمن يصونها، ويسترها، ويراه كفئا لها، وتقبله هي، فإذا تجاسر عليك أحد الشباب، وطلب منك الزواج، فقولي له بكل حزم وصرامة: إن كنت جادا فأئت الأمر من بابه الشرعي، ثم أنهي معه هذا الحديث مباشرة، ولا تشغلي نفسك بالبحث عن وهم الحب، والزوج المناسب، فالمرأة في شرعنا حيية، عزيزة، مصونة، لا تتحدث مع الأجانب بما يجاوز حد الحاجة، والمعروف، قال الله مخاطبا أمهات المؤمنين -قدوة كل مؤمنة-: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32}.

وكلما ابتعدت المرأة عن الأجانب كان ذلك خيرا لها وأصون، وأكثر لها مصداقية عند صالحي الأزواج، فاقطعي علاقتك بكل من لا يحل لك، وكل من ينبش في ماضيك، ولا تحلفي على الكذب من أجل رجل لعله إذا عرف أنك قد كذبت عليه تركك من دون رحمة بك.

واعلمي أن ما كتب لك لن يفوتك، وما لم يكتب لك لن تصلي إليه، ولو حرصت على ذلك، ومن ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، بفضله وكرمه، واشغلي نفسك بما يبعدك عن هذه الأفكار من حفظ القرآن الكريم، وصحبة صالحة، تعينك على طاعة مولاك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني