الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركت ذهبا وأوصت قبل موتها بالحج عنها

السؤال

لأمي عمة من أبيها، توفيت منذ عامين تقريبا، ولما كانت على فراش الموت أوصت أمي بمقدار من الذهب أن يتم استعماله في أداء فريضة الحج عنها -وقبل ذلك طلبت من أمي أن تأخذ الذهب لنفسها، ولكن أمي رفضت، وعرضت عليها أن تجعله لأبنائها، فرفضت العمة، إلا عند الحاجة إلى المال، وعند الضرورة القصوى، وطلبت أن يتم الحج عنها- وكان برفقة أمي آنذاك ابنها الأصغر، حيث لها ولدان، وحاليا متزوجان، وقد قاما بترميم المنزل، ولديهما أعمال، والظاهر أنهما ميسورا الحال، فقامت أمي بأخذ الذهب من أجل بيعه بسعر جيد، وأثناء ذلك اعترض ابنها الكبير، وطالب بالذهب من أجل أن ينفقه، فرفضت، وقامت ببيع الذهب منذ أشهر، ولم تعلم أبناءها، ولم تجد من يحج عنها العام الماضي، والآن يطالبون به للمرة الثانية - ويثيرون ضجة ألحقت بعض الأذى بنا- فما العمل؟ وهل تسلمه لهم؟ أم تكمل الوصية؟ وإن مر عام على بيع الذهب، فهل تجب فيه الزكاة، علما أنه يبلغ النصاب؟ وهل يدخل هذا الذهب في حكم التركة؟ وما هو تعريف التركة؟ وبعد بيع الذهب طالب جدي واثنان من أخوالي اقتراض بعض المال من أجل الزراعة، فقد تعسرت أحوالهم، وهذه حقيقة، وقد فعلت أمي ذلك، وهم الآن بصدد إرجاعه كاملا، فما حكم ذلك؟ وهل على أمي ذنب؟ وكيف تكفره؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى لها الرحمة، والمغفرة، ثم نقول وبالله التوفيق: إنه يلزم تنيفذ وصيتها، خصوصاً إذا كانت قد ماتت بعد أن وجب عليها الحج، لتوفر شروطه، ولم تحج، لأن الراجح من كلام أهل العلم أن من توفي بعد وجوب الحج عليه، يجب على ورثته إخراج أجرة من يحج من ماله نيابة عنه، كما سبق في الفتوى: 28126.

وأما إن كان قد سبق أن حجت عن نفسها، فإن الوصية به تنفذ في حدود ثلث تركتها فحسب، إلا إذا أمضى الورثة ما زاد على الثلث، كما تقدم في الفتوى: 51540.

وأما كونها عرضت على أمك أخذ الذهب لها، ولأبنائها وقد رفضت ذلك، فهذا لا يثبت لهم حقا في ذلك الذهب، وليس لهم المطالبة به، بل هو من جملة تركة عمة أمكِ، وبعد تنفيذ وصيتها -وفق ما سبق بيانه- يقسم الباقي من التركة على ورثتها، وتصرف أمكِ بإقراض ثمن الذهب تصرف خاطئ تضمن به هذا المال، وعلى من أخذه أن يرده ليصرف فيما سبق بيانه، ولتستغفر أمكِ مما فعلت، ولا تعد إلى مثله، وفي الأخير إن لم يقتنع أبناء المرأة، وحصل خلاف في الموضوع، فالفيصل هو المحكمة الشرعية.

وأما مسألة الزكاة في ثمن الذهب على افتراض أنه تركة: فالعبرة في ذلك بالنظر إلى نصيب كل وارث، فمال المتوفاة كله -ومنه ذهبها- ينتقل ملكه إلى ورثتها بعد موتها، سوى ما أوصت به في حدود الثلث، ويصرف فيما أوصت بصرفه فيه، وفق ما سبق تفصيله، وللفائدة انظري الفتوى:104041.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني