الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة ارتكاب صغائر الذنوب

السؤال

هل يجوز فعل الصغائر وليس الكبائر مع الأعمال الصالحة.
أنا أتمنى دخول جنة الفردوس الأعلى، هذه غايتي والله، أقرأ آية: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا. فأقول: إذا فعلت العمل الصالح مع المعاصي. هل هذا كاف، أم يجب ترك المعاصي أيضا؟
أحيانا أشعر برغبة في فعل الصغائر ولكن لا أفعلها بفضل الله، ولا أدري ماذا أفعل خاصة أني صابر ولم يأت الفرج الذي أريده ويكفيني عن الحرام، ويشتد الأمر أكثر فأكثر، وأيضا أشعر كأني في كبت شديد بسبب قلة السعادة، ووجود القيود: ليست الدينية فقط.
فما الحكم وما العمل؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز تعمد ارتكاب المعصية بما في ذلك الصغائر؛ لأن الصغائر مما نهى الله عنه. ولو جاز فعلها لكانت مباحة، والتساهل في فعل الصغائر خطره عظيم، فإن الذنب قد يكون صغيرا لكنه يجر بالتساهل فيه لفعل ما هو أكبر منه، كما قيل: إن الصغائر بريد الكبائر، فمن هان عليه فعل الصغيرة أوشك أن يواقع الكبيرة غير مكترث.

كما أن الصغائر باجتماعها قد تهلك العبد -عياذا بالله- كما في الحديث: إياكم ومُحَقراتِ الذنوب، فإن مثل مُحَقَّرات الذنوب كقوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم، وإن مُحَقراتِ الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه. رواه أحمد في المسند من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- بإسناد قال عنه محقق المسند إنه صحيح.

كما أن العبد لقلة علمه قد يواقع ما يظنه صغيرة وهو كبيرة في نفس الأمر، كما قال الله: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ {النور: 15}.

كل هذا يدعو المؤمن إلى مجانبة جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، لكن إذا فرط منه ذنب فعليه أن يبادره بالتوبة النصوح حتى ولو كان من الصغائر.

كما أن الصغيرة بالإصرار عليها تصبح كبيرة، وقد بينا دليل ذلك في الفتوى: 183627.

نعم إن اجتنب العبد الكبائر ولم يصر على الصغائر، رجي أن يمحى ما يرتكبه من صغائر الإثم بما يعمله من صالح العمل، كما قال الله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ {النساء: 31}، وقال: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ {النجم: 32}.

وأما ما ذكرته من القيود ونحو ذلك فلا حيلة إلا الصبر، ولا يسع العبد مخالفة أمر الله -تعالى- بل لا بد له من طاعة الله -جل اسمه- كائنا في ذلك ما هو كائن.

ومن أعظم أنواع الصبر الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصيته -جل اسمه- وكلما عظم صبرك وزادت مجاهدتك لنفسك كان أجرك عند الله أعظم.

وعليك بلزوم الدعاء، والاستعانة بالله -تعالى- فإنه وحده القادر على تهوين كل صعب، وتيسير كل عسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني