الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من شروط التوبة من الزنا أن يتزوج الزاني بمن زنا بها

السؤال

أنا على علاقة مع شاب، وبيننا قصة حب لمدة خمس سنوات. وفي آخر الفترات أغرانا الشيطان فقمنا بممارسة الفاحشة، وبعدها ندمنا، وقررنا التوبة والزواج، وعدم الالتقاء.
لكنه عندما أخبر أباه لكي يخطبني تفاجأنا بعلم أبيه بما حدث من فاحشة، وأقسم على أن لا يزوجه بي، مع أن الولد متعلق جدا، ولا يستطيع التخلي عني، ولا عن والده.
هو الآن في حسرة، وأصبح يتعاطى المخدرات، ولا يصلي، وابتعد عن الله، بالرغم من أنه أراد التوبة والزواج، ولم يكن يتعاطى من قبل. فهل من الممكن أن يرضى أبوه ويزوجنا، ويقبل الله زواجنا ويسهله، أم إنه لا مجال لذلك؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه العلاقات التي شاعت وانتشرت بين الشباب والفتيات بدعوى الحب والرغبة في الزواج؛ باب شر وفساد عريض، تنتهك باسمه الأعراض، وترتكب خلف ستاره المحرمات، وكم أوقعت في مصائب وأورثت ندمًا وحسرة.

وكل ذلك بعيد عن هدي الإسلام الذي صان المرأة، وحفظ كرامتها وعفتها، ولم يرض لها أن تكون ألعوبة في أيدي العابثين، وإنما شرع للعلاقة بين الرجال والنساء أطهر سبيل، وأقوم طريق بالزواج الشرعي، لا سواه. وانظري الفتوى: 1769

ولا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر، ولذلك نهى الله تعالى عن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه.

قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: يقول تعالى ناهيًا عباده عن الزنا وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه ودواعيه: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة} أي: ذنبا عظيما {وساء سبيلا} أي: وبئس طريقا ومسلكا. انتهى.

فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وليس من شروط التوبة من الزنا أن يتزوج الزاني بمن زنا بها، ولكن التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.

ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان.

والراجح عندنا أنّه لا يجوز لمن زنا بامرأة أن يتزوجها إلا بعد التوبة، وانقضاء العدة حتى تعلم براءة الرحم.

قال الحجاوي -رحمه الله-: وتحرم الزانية إذا علم زناها على الزاني وغيره، حتى تتوب وتنقضي عدتها. انتهى.

وما وقع فيه هذا الشاب من تعاطي المخدرات، وترك الصلاة؛ منكر عظيم، وفساد كبير، وضلال مبين. فكيف تقبلين الزواج منه! وأيُّ خير يرتجى في الزواج ممن قطع الصلة بينه وبين ربه، وأفسد عقله بالمخدرات!

لكن إن تاب توبة صادقة، واستقام على طاعة الله؛ فالتوبة تمحو ما قبلها، وفي هذه الحال لا مانع من قبوله.

فاشغلي نفسك بتحقيق التوبة النصوح، والثبات عليها، والاجتهاد في طاعة الله، والتقرب إليه؛ وسوف تجدين التيسير في الأمور، والتوفيق فيها -بإذن الله-.

وفوِّضي أمرك إلى الله، واسأليه من فضله؛ فهو قريب مجيب، وهو أرحم بك من أبيك وأمك، ومن كل أحد، وهو أعلم بما فيه الخير لك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني