الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدُّ الضرورة الشرعية التي تبيح ارتكاب المحظور

السؤال

أعلم من خلال فتواكم أن شقق الإسكان الاجتماعي حرام شرعا، إلا لضرورة، وأريد توضيح حالتي؛ ِلأعلم، هل ظروفي تعتبر ضرورة، أم لا؟
قبل زواجي قدمت في الإعلان بناء على رغبة أبي بأن يكون لي شقة مثل أخواتي اللاتي فتح الله لهن بالخير، وتملكت كل منهن شقة؛ ليطمئن علي، وكنت لا أعلم بالحرمة، ولا هو أيضا، ولم أستلمها حتى تزوجت في شقة إيجار جديد، ومع وجود أطفال، وارتفاع الأسعار كان من الصعب الاستمرار في الإيجار، وكنت أنتظر استلام الشقة، ثم علمت من إحدى الصديقات أن هذا النوع من المعاملات حرام، فقلت: إنني في حاجة إليها، ثم قررت أن أستدين مبلغا من أختي، وأبيع شقة صغيرة كانت لزوجي، وأشتري شقة تصلح للعيش، وأتنازل عن شقة الإسكان؛ لحرمتها، فبعت ذهبي، واستدنت 10000 دولار(عشرة آلاف دولار)، وكانت قيمتها ما يعادل 200000 جنيه، وفجأة ارتفعت قيمته ارتفاعاً رهيبا، حتى وصلت في الوقت الحالي إلى ما يعادل 730000، والله أعلم متى سيتوقف هذا الارتفاع، فبدلا من توفير الإيجار الشهري أصبح ديني يتضخم يوما بعد يوم، ثم حدثتني شركة الاستعلام الخاصة بالإسكان، فهل أتمم المعاملة، ثم أقضي منها ديني، أم حالتي هذه ليست ضرورة؟ مع العلم أني، وزوجي نعمل، ولكن مع ارتفاع الأسعار يصعب علينا السداد، إلا على أمد بعيد، ولنا ابنة عمرها ثلاث سنوات، وولد عمره سنة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنحن لا يسعنا الجزم بإثبات الضرورة، أو نفيها في حال السائلة! ولكن الذي يسعنا هو ذكر حد الضرورة الشرعية التي تبيح ارتكاب المحظور، وهي: ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء.

وقال الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه (نظرية الضرورة الشرعية): الضرورة هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة، بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بعضو منها ، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، وتوابعها، ويتعين، أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته؛ دفعا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى.

وهنا ننبه على أن مجرد وجود الدَّين لا يعد ضرورة في ذاته، ويتأكد هذا إذا أنظر المقرضُ صاحبَه كما أمر الله: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280}، بخلاف ما إذا تعرض المدين بسبب دَينه للسجن، أو نحوه من العقوبات، أو كان لا يجد بسببه الحد الأدنى لحياة الفقراء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني