الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في محادثة الرجل للأجنبية لحاجة بالضوابط الشرعية

السؤال

لي صديق، وقريب لزوجتي، توفي عن زوجة، لها منه من الأبناء ثلاثة، بنتان، وابن. منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام، ولاحقا لوفاته كنت أساعد العائلة؛ كونهم أقاربي في قضاء بعض الأمور التي تحتاج الاحتكاك بالأغراب، وكان ذلك كله في حدود الضوابط الشرعية بحذافيرها، إذ إن زوجته منتقبة، وكان ذلك يتم بمعرفة زوجتي، ثم توفى الله زوجتي بعد فترة مرض قصيرة بلغت ثلاثة أشهر، وتركتني أنا وابنين بلغا مبلغ الرجال، أصغرهما في أواخر الدراسة الجامعية، وحين قلبت نظري في من حولي، وجدت هذه السيدة تناسبني؛ لدينها؛ وأدبها؛ ولقبول لها في نفسي مع أني لم أر وجهها بعد، ولكن يمكنني الاطمئنان إلى أنه سيكون مقبولا عندي من رؤيتي لوجه والدتها، وأبنائها، وحيث إن أمرها بيدها؛ كونها ثيبا، مع أن لها أخا، وقد فاتحتها في أمر الزواج؛ لكي أستأنف الطلب بعد قبولها مع أخيها، وأمها، وقد قبلتني مبدئيا، إلا أنها ترى كثيرا من العوائق التي يجب التفكير في كيفية حلها، وطلبت مني ألا أفاتح أحدا في الأمر، وأرجأت كل شيء لمدة طويلة بالنسبة لي، فوافقتها؛ ظنا مني أننا سنرجئ أمر التنفيذ، وليس أمر التفاهمات في حل ما تراه صعوبات بالغة، ولما أحاول الكلام معها في مناقشة تلك الصعوبات، وطرق الحل عن طريق وسيلة من وسائل التواصل تقول لي: إن هذا من باب اتخاذ الأخدان المنهي عنه، والمحرم شرعا، وتقول لي: صبرا، فأصبحت أنا كالمعلق، لا أنا أنجز في أمر الزواج الذى ابتغيت به إعفاف نفسي، واستعادة اتزاني، ورضا ربى؛ بتربية أبنائها، علما بأن احتياج تلك الأسرة لرجل ليس احتياجا ماديا بالأساس، فقد تركهم الأب -رحمة الله عليه- مستورين -بفضل الله-، وإن كنت -أيضا- سأبذل كل ما أستطيع ماديا؛ لإسعادهم، ولا أنا وصلت إلى القطع بنهاية الأمر؛ لأبحث عمن أجد معها راحتي، وتلبي حاجتي، فطلبت منها أن تستأنف مناقشاتنا كفاحا في مقابلات وجها لوجه، تستقدم فيها من تريد ممن ينفي صفة الخلوة الشرعية عن اجتماعاتنا، فهل أنا متجاوز للمعروف بهذا الطلب؟ وهل لو أنا طلبت العقد عليها، ومعالجة تلك الأمور بهدوء مع الوقت أكون مخطئا؟ (الأمور المعلقة تتعلق بقبول الأبناء لي كشخص يحل محل أبيهم، ويشاركهم الحياة، وكيف يمكن التوافق في الحياة، والأسرة ستصبح مختلطة، فيها أبنائي الذكور، وبناتها الإناث، وهن صغيرات؟ بالمناسبة أكبرهن في عمر الخامسة عشرة).
أفيدوني يرحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج شرعا في محادثة الرجل للمرأة الأجنبية عند الحاجة إلى محادثتها ما دام ذلك في حدود الضوابط الشرعية، كما هو مبين في الفتوى: 3672.

وليس في مجرد هذا التواصل المنضبط نوع من اتخاذ الأخدان، فاتخاذ الأخدان، والذي جاء الشرع بالنهي عنه هو إقامة العلاقات المحرمة بين الجنسين.

قال ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة: 5}: { غَيْرَ مُسَافِحِينَ }، وهم: الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية، ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم، { وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ }، أي: ذوي العشيقات الذين لا يفعلون، إلا معهن.... انتهى.

ويجوز لك الجلوس معها بوجود من تنتفي به الخلوة، والتفاهم معها في هذه الأمور، والسبيل لحل هذه العوائق، ولا تعتبر متجاوزا لحدود المعروف بطلبك منها الجلوس للتفاهم معها. ولا بأس بالعقد عليها، ثم معالجة تلك الأموربهدوء مع الوقت، وإن خشيت أن يكون ذلك مثارا لخلاف في المستقبل، فقد يكون الاتفاق، ووضع أسس قبل الزواج هو الأولى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني