الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإمام يصلي إلى جهة والمأمومون يصلون إلى جهة أخرى

السؤال

إمام يصلي لقبلة يرى أنها صحيحة والمصلون وراءه يصلون لقبلة وهم على ثقة بأنها صحيحة لاستخدامهم البوصلة في تحديدها فما حكم صلاة الاثنين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الإمام قد اعتمد في تحديد القبلة على أدلة معتمدة، وكان يستقبل جهة مخالفة تماماً للجهة التي يستقبلها المأمومون الذين اعتمدوا في استقبالهم على البوصلة، فكل من الإمام والمأمومين بمثابة المجتهدين الذين صلى كل منهما إلى جهة، وبالتالي فلا يصح اقتداؤهم بذلك الإمام، قال ابن قدامة في المغني: وإذا اختلف اجتهاد رجلين فصلى كل واحد منهما إلى جهة فليس لأحدهما الائتمام بصاحبه، وهذا مذهب الشافعي، لأن كل واحد يعتقد خطأ صاحبه فلم يجز أن يأتم به.

وقال الحطاب في مواهب الجليل: وقال أشهب عن ابن سحنون: من صلى خلف من لا يرى الوضوء من مس الذكر لا شيء عليه بخلاف القبلة يعيد أبدا، وقال سحنون: يعيد فيهما في الوقت. قال صاحب الطراز: وتحقيق ذلك أنه متى تحقق فعله للشرائط جاز الاقتداء به، وإن كان لا يعتقد وجوبها وإلا لم تجز. انتهى

فما دام الإمام يصلي إلى جهة والمأمومون يصلون إلى جهة أخرى، فإنهم حينئذ يعتقدون بطلان صلاة الإمام لتركه شرطاً من شروط الصلاة، وهو استقبال القبلة.

أما إذا كان الاختلاف بينهما يسيراً حيث يستقبلان جهة واحدة لكن أحدهما يميل يميناً والآخر شمالاً فيجوز اقتداؤهم به. قال ابن قدامة في المغني: فأما إن كان أحدهما يميل يميناً ويميل الآخر شمالاً مع اتفاقهما في الجهة فلا يختلف المذهب في أن لأحدهما الائتمام بصاحبه، لأن الواجب استقبال الجهة وقد اتفقا عليها. انتهى

ولعل هذا الاختلاف اليسير هو الحاصل بين الإمام والمأمومين خصوصاً إذا كانوا يصلون في مسجد له محراب، فإن من يتولى بناء المسجد يحرص على أن يكون محرابه إلى جهة القبلة، فإن كان الأمر هكذا فصلاة كل من الإمام والمأمومين صحيحة.

هذا إضافة إلى أن غير المعاين للكعبة من أهل الآفاق عليه أن يجتهد في إصابة جهة الكعبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ما بين المشرق والمغرب قبلة. رواه الترمذي وابن ماجه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: وعن عثمان أنه قال: كيف يخطئ الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة ما لم يتحر المشرق عمداً. انتهى

وفي موطأ الإمام مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه قِبل البيت. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني