الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ما يقع فيه الطبيب من أخطاء

السؤال

ما مدى ضمان الطبيب للخطأ المهني مع العلم أن نسبةالنجاح والفشل أمر وارد وليس هناك نجاح مئه بالمئة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فلا شك أن الطبيب مسؤول عما يقع فيه من خطأ تجاه من يطببه، وهذه المسؤولية تعظم أو تقل بحسب نوع الخطأ ودرجته، وقد دلت الشريعة على اعتبار المسؤولية الطبية، ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن". رواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك وصححه، ووافقه الذهبي. والحديث يعتبر أصلاً عند أهل العلم في تضمين الجاهل إذا عالج غيره وتضرر بعلاجه. وإذا كان الجهل هو الموجب للمسؤولية كما يدل عليه ظاهر الحديث، فإنه يستوي فيه الجاهل بالكلية وهو الشخص الذي لم يتعلم الطب، والجاهل بالجزئية وهو الشخص الذي علم الطب وبرع في فرع من فروعه، ولكن يجهل الفرع الذي عالج فيه، فمثل هذا يضمن، قال الإمام ابن قدامة في المغني: فأما إن كان حاذقاً وجنت يده مثل أن يتجاوز قطع الختان إلى الحشفة أو إلى بعضها، أو قطع في غير محل القطع…. أو يقطع بآلة كألة يكثر ألمها، أو في وقت لا يصح القطع فيه، وأشباه هذا ضمن فيه كله، لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ، فأشبه إتلاف المال، ولأن هذا فعل محرم فضمن سرايته كالقطع ابتداءً" انتهى وقوله ( كالقطع ابتداء) أي: الخطأ في قطع (الختان) محرم مثل القطع ابتداء على وجه الاعتداء والخيانة. فالطبيب الجاهل يأثم بجنايته ويضمن ما يترتب عليها. أما الخطأ فهو ما ليس للإنسان فيه قصد ومثاله: أن تزل يد الطبيب الجراح، أو أخصائي التخدير، أو الممرض، أو المصور بالأشعة والمنظار، وينشأ عن ذلك ضرر بجسم المريض فهذا النوع لا يترتب عليه تأثيم فاعله، قال تعالى: ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) [الأحزاب:5] ومن ثم لا تتعلق به مسؤولية الآخرة لكن يلزم صاحبه بضمان ما نشأ عن خطئه. وإذا أتقن الطبيب عمله، وأعطى الصناعة حقها ثم حصل ضرر لا يد له فيه لم يضمن، وهذه مرتبة فوق التي قبلها. والفرق بينهما أنه في السابقة تسبب في الخطأ عن غير عمد، وهو طبيب ماهر، أما هذه فالضرر جاء متأخراً وليس بسبب منه أثناء التطبيب. قال الإمام ابن القيم (( وإن كان الخاتن عارفاً بالصناعة، وختن المولود في الزمن الذي يختن فيه مثله، وأعطى الصناعة حقها، لم يضمن سراية الجرح اتفاقاً)). نقلاً من تحفة المودود لابن القيم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني