الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحج بإحدى الزوجتين بغير رضا الأخرى

السؤال

أنا الزوجة الثانيه لزوجي .. تزوجنا قبل أقل من سنة وأنجبت له طفلتنا الأولى قبل 40 يوما .. وأخبرني زوجي بأنه سوف يذهب للحج هو وزوجته الأولى .. المشكلة أنه من يوم تزوجني وهو بعيد عني ولا يعدل بيننا ولا أراه غير ساعة واحدة فقط في الأسبوع.. وأنا لن أغفر له ولن أسامحه عمري كله بسبب بعده عني بدون أسباب .. فسؤالي هل يجوز له الحج وهو ظالم ورب العرش غير راض عنه ولا أنا ؟؟ والسؤال الثاني .. أنا أريد أن أذهب معه للحج وهو رافض هل يجوز أن يحج بزوجته الأولى وأنا لا ؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد شرع الله سبحانه العليم الحكيم التعدد بقوله تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.. {النساء: 3}. وشرط على من أراد الإقدام على التعدد العدل بين الزوجات في المبيت والطعام والشراب والمسكن، فإن لم يستطع ذلك فعليه أن لا يزيد على واحدة، قال ابن كثير رحمه الله: قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3}.، أي فإن خشيتم من تعداد النساء أن لا تعدلوا بينهن، كما قال تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ { النساء: 129}، فمن خاف من ذلك فليقتصر على واحدة. انتهى. فلا ينبغي لمن خاف من نفسه عدم العدل أن يعدد، كحال هذا الزوج الذي أخل بشرط العدل من أول يوم للزواج، ومال كل الميل إلى الأخرى، فلا تراه الثانية إلا مرة في الأسبوع، وتركها كالمعلقة كما قال تعالى: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ {النساء: 129}، أي لا هي زوجة، ولا هي خالية عن النكاح. فليتق الله هذا الزوج وكل من عدد، وليعدلوا بين زوجاتهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان له امرأتان يميل لإحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل. رواه النسائي والحاكم. فإذا عدل في القسمة في الأمور السابقة فلا يؤاخذ في المحبة التي ليست بيده، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لنسائه فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. رواه أبو داود والترمذي وصححه السيوطي. أما في السفر عموما وسفر القربة خصوصا كالحج، فالراجح أنه لا يجوز للزوج أن يسافر بإحدى زوجاته دون الأخرى بغير قرعة أو رضا منها، وإذا فعل ذلك فهو آثم، ولها المطالبة بحقها ورفع أمرها للحاكم ليلزمه بالعدل بينها وبين ضرتها أو بالطلاق، ولها الصبر والاحتساب وتقديم النصح له بالعدل عسى الله أن يهديه لذلك. وأما هل يجوز حج من لا يعدل بين زوجاته فالجواب: إن عدم العدل وإن كان معصية وإثما فإن مرتكبه يظل فردا من أفراد المسلمين يجب عليه الحج إن استطاع إليه سبيلا، ولا يبطل حجه بارتكاب هذه المعصية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني