الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إيضاحات حول فتوى تتعلق بتعدد الزوجات

السؤال

بالإشارة إلى الفتوى التي أرسلتموها ( جزاكم الله الخير دائما ) رقم : 71992 بتاريخ 27 محرم 1427 وتحت عنوان : حكمة الاسلام في إباحة تعدد الزوجات ، مرة أخرى أشكركم جزيل الشكر وأود أن أؤكد لكم أن سؤالي لم يكن بدافع عدم اليقين من مشروعية التعدد عند وجود سبب واضح ، ولكن اسمحوا لي أن أشير إلى نقطة ذكرت في الفتوى وهي مقارنة التكاليف الشرعية من صلاة وصيام وحج وجهاد وما فيها من مشقة وكلفة بقضية التعدد التي ذكرتم لاحقا في فتواكم أنها ليست واجبا ( النقطة الرابعة: أن التعدد ليس واجبا : فكثير من الأزواج المسلمين لا يعددون، فطالما أن المرأة تكفيه أو أنه غير قادر على العدل فلا حاجة له في التعدد ) فكيف لنا أن نقارن أركان الإسلام بالتعدد ؟كما أنه وفي نفس الفتوى ذكرت أسباب إباحة التعدد وهي ابتداء من النقطة السادسة في الفتوى ، حيث وردت إباحة التعدد إذا كانت الزوجة عقيما لا تلد أو كانت مريضة بمرض مزمن أو سلوكها سيئ وغير ذلك.اسمحوا لي أن أبين أن نظرتي إلى هذا الأمر ليس بدافع نكراني أو عدم يقيني بأنه ( معاذ الله ) أن الذي شرع التعدد أدرى بالمصالح وأعلم بالعواقب ، فهو جل وعلا اللطيف الخبير العالم بكل ما هو خير للبشرية جمعاء ، ولكن عندما نقول إن التعدد أبيح لأن الإسلام حرم الزنا ، أقف قليلا لأنظر فيما أدى إلى وصول الرجل إلى هذه المرحلة ، فمن المفروض أن يجاهد الرجل ويحمي نفسه من الوصول إلى مرحلة الرغبة في الحصول على امرأة أخرى بغض البصر وعدم التطرق أو النظر أو حتى الكلام حول ما قد يثير لديه رغبة في الوقوع في ما هو محرم . إخواني في الله ، القضية التي أناقشها ، هي كيف لي أن أقتنع بوجود زوجين سعيدين أنعم الله عليهما بالأبناء ويتمتعون بصحة جيدة وقد أفاض الله عليهم بالخير ، أن يلجأ الزوج وبدون أي سبب ( وأنا أعني أي سبب على الاطلاق ) إلى الزواج من أخرى فقط لإشباع رغباته؟ هذا ما أقصده عندما أقول بأن الزواج الثاني قد يتسبب بإيذاء نفسي وجرح عميق لن يندمل. مرة أخرى ، إخواني في الله ، ما أحاول الوصول إليه ، جواب صريح وواضح ، دون ربط هذه القضية بأي قضايا أخرى هي في الأصل مختلفة في الحكم . أرجو أن تتقبلوا مني إلحاحي وإصراري على الوصول إلى جواب مقنع وشاف. أشكر لكم سعة صدوركم وتفهمكم ، راجية الحصول على جوابكم كما تعودت دائما منكم . واقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير على الجهد الذي تبذلونه لإيصال كل ما هو مفيد وضروري للأمة المسلمة ؟
جزاكم الله الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنشكر للأخت تواصلها معنا ، ونقدها لما كتبنا ، ونحن لسنا معصومين من الخطأ ، ولكن أحيانا يفهم كلامنا ويحمل على غير محمله ، فالأخت حملت كلامنا في معرض استدلالنا على أن أحكام الشرع يصحبها -غالبا- شيء من المشقة والكلفة ، على أننا نقارن التعدد بأركان الإسلام ، وليس هذا ما قصدناه ، فأركان الإسلام فرائض وواجبات متحتمات معلومات من الدين بالضرورة ، وأما التعدد فهو مباح فقط في الأصل. وإنما قصدنا أن نرد على من يقول بأن التعدد فيه مشقة على الزوجة الأولى ، فكيف يشرع الله ما فيه مشقة على عباده وهو سبحانه لا يريد بهم العسر ، بل يريد بهم اليسر ؟ فأجبنا بما سبق لنبين أنه لا يخلو حكم شرعي -في الغالب- من بعض المشقة على المكلفين، فالتكاليف الشرعية من صيام وصلاة وحج وجهاد فيها كلفة ومشقة، ومع ذلك شرعت وذلك لما فيها من المصالح العائدة على العباد، والتي تفوق ما يصيبهم من مشقة ونصب من القيام بها، فكذلك التعدد .

أما عن اعتراض الأخت على البند الأول من الحكم المذكور في الفتوى رقم : 71992 ، فنقول توضيحا : إن باب الزنا قد سد في شرع الله وفتح باب الزواج ، فإذا منع التعدد وسد بابه دفع ذلك بكثير من الرجال والنساء إلى الباب المحرم المسدود لأنهم لم يسعهم باب الزواج بالواحدة ، وهذا في النساء أكثر منه في الرجال لأنهن أكثر عددا من الرجال كما ذكر في البند الآنف الذكر ، فإباحة التعدد هو لمصلحة النساء قبل الرجال نظرا لكثرة النساء وقلة الرجال، فمن يقول بسد باب التعدد يحكم ويقضي على كثير من النساء بأن يبقين عوانس أو أرامل أو مطلقات ، وأيهما خير للمرأة أن تبقى عانسا أو أرملة أو مطلقة أم زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة .

وجوابا على سؤال الأخت : عن حكم التعدد بدون أي سبب على الاطلاق وإنما فقط لاشباع رغبات الرجل ، نقول: لا يمكننا تصور التعدد بدون أي سبب ، فهو لا ينفك عن مصلحة ، ففي زواج الرجل بأخرى مصلحة وإن لم يقصدها الرجل وإنما قصد إشباع رغبته ، والمصلحة هي حصول امرأة أخرى على زوج وإحصانها ، فهذه مصلحة معتبرة شرعا وإن لم يقصدها الرجل ، على أن إشباع الرغبة أمر أباحه الله تعالى ، ثم نقول للأخت الكريمة: لا بأس أن تبحثي عن الحِكَم والمصالح فيما شرع المولى سبحانه ، ولكن إن عجز عقلك فاتهمي عقلك ولا تتهمي شرع الله ، والجئي إلى إيمانك وتسليمك بحكمة الله سبحانه، وقولي كما قال المؤمنون: ربنا سمعنا وأطعنا ، ويرجى الاطلاع على الفتوى رقم : 61248 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني