الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قسمة المراضاة إذا خص بها الرجال دون النساء والصغار

السؤال

مات وترك ثلاثة أولاد أحمد ومحمود وعبد الرحمن وترك ميراثا أرضا زراعية مقدارها 54 قيراطا وبعد وفاته تم التقسيم على الأبناء الثلاثة أحمد ومحمود وعبد الرحمن بقدر كل فرد 18.3 قيراط.. الابن الأكبر أحمد تزوج وأنجب ست بنات وولدين.. والابن الأوسط لم يتزوج ومات والابن الأصغر تزوج وأنجب بنتين وثلاثة أولاد.. حدث للأخ الأوسط مرض عقلي ألزمه مستشفى الأمراض العقلية لمدة 15 عاما.. وفى تلك الفترة وحتى بعد خروجه من المستشفى معافى كان نصيبه مع أخيه الأكبر (أحمد) لأنه كان الوحيد الذي يعول عليه ويصرف عليه وحتى بعد خروجه من المستشفى.. ثم شاءت الأقدار أن يتوفى الابن الأكبر أحمد وظل ميراث الابن الأوسط محمود مع أولاد المتوفي مقابل إيجار سنوي وظل هذا الحال أكثر من 22 عاماً حتى توفي الابن الأوسط محمود.. وفى هذه اللحظة تم الحكم من قبل الأهل على أن أولاد الابن الأكبر لا يحق لهم أن يورث فى ميراث الابن الأوسط محمود.. وأن الابن الأصغر ما زال على قيد الحياة لذا يحجب الميراث عن أولاد الابن الأكبر المتوفى وتم الاتفاق على أن جميع ميراث الابن الأوسط محمود تؤول إلى الابن الأصغر عبد الرحمن.. وفى المجلس تم الآتي: اقترح الابن الأصغر عبد الرحمن وعلى سبيل المراضاه بأن يجمع جميع الأطيان الزراعية والتي تقدر بـ 54 قيراطا ويتم توزيعها على ورثة الجد من الذكور مع تجاهله هو وتوزيع الميراث على خمسة ذكور فقط وهم كما أسلفنا ولدان من الابن الأكبر أحمد وثلاثة أولاد من الابن الأصغر عبد الرحمن وتجاهل البنات من الميراث أي توزيع التركة على خمسة أفراد ذكور، بحيث كل فرد يكون حقه 11 قيراطا.. وتم عمل عقود بذلك وتراضى الجميع بذلك.. والسئوال هنا: بأنني ابن الابن الأكبر أحمد وأرغب فى إعطاء حق أخواتي فى ميراث أبي.. فهل يتم توزيع ميراث أبي والمقدر بـ 18.3 قيراطا الميراث الفعلي الأول والموروث من الجد قبل الدمج أو أن يتم توزيع ميراث أبي على النظام الجديد بحيث أنا وأخي نصيبنا 22 قيراطا فقط حسب التعديل الأخير ويتم التقسيم على هذا الأساس.. ! أفيدوني؟ جزاكم الله خير الجزاء حتى لا أقع فى الحرام فإنني الأخ الأكبر وأملك توزيع الميراث حسب ما يمليه علي الشرع والدين.... أملي أن لا تتجاهلوا سؤالي وأن يتم الرد عليه فى القريب العاجل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما تراضيتم عليه من اقتراح عمكم بتقسيم التركة على الأبناء الذكور دون البنات يعتبر باطلا لا يجوز تنفيذه ولا العمل به. فقد فرض الله عز وجل لكل وارث رجلاً كان أو امرأة مقدراً لا يجوز حرمانه منه أو تغييره أو تبديله... فقال عز وجل: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7}، فحرمان النساء والصغار من التركة من أعمال الجاهلية التي قضى عليها الإسلام وأماتها ولا يجوز إحياؤها من جديد، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من حقوق الضعفة وخاصة المرأة واليتيم، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه أحمد وغيره.

وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء:10}، والصواب هو ما عملتم أولاً من تقسيم تركة جدكم على أبنائه الثلاثة، وأما تركة ابنه الذي لم ينجب فإنه لشقيقه الأصغر خاصة دون غيره لأنه هو الذي ورثه ولا حظ فيها لأبناء أخيه الأكبر ولا لغيرهم، وإذا شاء أن يهبها لأبناء أخيه أو لغيرهم فله ذلك إن كان برضاه وطيب نفسه وفي حال أهليته للتصرف.

ولا يجوز له أن يخص بها بعض أبنائه دون بعض على الراجح من أقوال أهل العلم، ويتأكد المنع إذا كان التفضيل للذكور على الإناث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية, فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي وغيره، وقد سبق بيان ذلك ومذاهب أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 6242 فنرجو أن تطلع عليها.

وإذا تمت الهبة بشروطها من طرف عمكم لتركة أخيه أو لغيرها فإن تقسيمها يكون على حسب ما أراد، فإن كان عم بها أبناء أخيه جميعاً فإنهم يوزعونها عليهم جميعاً، ولا علاقة لها بتركة أبيكم، أما تركة أبيكم فيجب أن تقسم على جميع ورثته حسبما جاء في كتاب الله تعالى كما ذكرنا.

وننبه السائل الكريم إلى أنه لا ينبغي له أن يقول (شاءت الأقدار) بل يقول شاء الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني