الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة الفطر هل تجزئ من السكر والزيت والزبد والدقيق

السؤال

هل يجوز إخراج الزكاة من سكر وزيت وزبدة ودقيق، لأنه معظم ما يتناوله أغلب الناس بدلاً من الحبوب أو الدقيق؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان المراد زكاة الفطر كما هو الظاهر، فإن المقرر عند الفقهاء أنها تخرج من غالب قوت البلد، وتخرج من الطعام الذي يعتمد الناس عليه أساساً للغداء والعشاء مثل الأرز أو القمح أو الشعير ونحو ذلك، وليس المراد السكر والزيت والزبد ونحوها مما يعتبر إداماً أو حلوى ولو كثر استعماله إلا إذا انفردت هذه المذكورات وحلت محل غيرها في الاقتيات، أو أخرجت على أنها من باب القيمة على القول بجواز إخراج قيمة زكاة الفطر، قال النووي في المجموع وهو من فقهاء الشافعية: ذكرنا أن الأصح عندنا وجوب الفطرة من غالب قوت البلد، وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة: هو مخير، وعن أحمد رواية أنه لا يجزئ إلا الأجناس الخمسة المنصوص عليها: التمر والزبيب والبر والشعير والأقط. والله أعلم. انتهى.

وتخرج زكاة الفطر عند المالكية من غالب القوت من تسعة أشياء وهي: القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والتمر والزبيب والأرز والأقط، إلا أن يقتات غيرها، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: والذي يظهر من عبارات أهل المذهب أن غير التسعة إذا كان غالباً لا يخرج منه، وإنما يخرج منه إذا كان عيشهم دون غيره من التسعة كما في المدونة وغيرها، ولذا قال المصنف إلا أن يقتات غيره أي إلا أن ينفرد غيره بالاقتيات فيخرج منه حينئذ. انتهى.

أما إخراج الفطرة من الدقيق فمن أهل العلم من منع ذلك وهو مذهب مالك والشافعي، قال الشوكاني في نيل الأوطار عند كلامه على الحديث الذي رواه الدارقطني وغيره بعد أن ذكر قول العلماء أن ذكر الدقيق في هذا الحديث وهم من بعض الرواة، ونص الحديث عن أبي سعيد: ما أخرجنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صاعا من دقيق، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من سلت، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، فقال ابن المديني لسفيان: يا أبا محمد إن أحداً لا يذكر في هذا الدقيق، فقال: بلى هو فيه. رواه الدارقطني واحتج به أحمد على إجزاء الدقيق، قال: وقد استدل بذلك على جواز إخراج الدقيق كما يجوز إخراج السويق، وبه قال أحمد وأبو القاسم الأنماطي، لأنه مما يكال وينتفع به الفقير، وقد كفي فيه الفقير مؤنة الطحن. وقال الشافعي ومالك: إنه لا يجزئ إخراجه لحديث ابن عمر المتقدم، ولأن منافعه قد نقصت، والنص ورد في الحب وهو يصلح لما لا يصلح له الدقيق والسويق. انتهى.

ويجوز عند الأحناف إخراج الدقيق، قال السرخسي في المبسوط في الفقه الحنفي: ودقيق الحنطة كالحنطة ودقيق الشعير كعينه عندنا، وعند الشافعي لا يجوز الأداء من الدقيق بناء على أصله أن في الصدقات يعتبر عين المنصوص عليه. انتهى، وقد تقدم في الفتوى رقم: 55652 خلاف العلماء في حكم دفع زكاة الفطر قيمة فالرجاء مراجعتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني