الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لمن تشعر بالنفور ممن عقد عليها

السؤال

أنا شابة أبلغ من العمر 25 سنة تقدم لخطبتي منذ عامين ونصف شاب أحسبه ملتزما فقبلت به فعقدنا القران ثم بعد ذلك فسخت العقد( قبل الزفاف) لسببين الأول مشاكل بين أهلينا والثاني لم أستطع أن أتأقلم معه ولا أن أحبه، دائما أشعر بالنفور اتجاهه، في هذه الفترة وقبل فسخي العقد تعلق قلبي برجل آخر وهو أستاذي الذي وجدت فيه الصفات التي كنت أتمناها أن تكون في الرجل الذي أرتبط به مدى حياتي وبعد فسخي لعقد النكاح تبين لي أنني أرتكب إثما كبيرا وعلي أن أتوب وأصلح خطئي فطلبت منه الرجوع ظنا مني أن مشاعري ستتبدل نحوه فجددنا العقد منذ 3 أشهر وكان دائما قبولي مبنيا على أساس الدين والخلق ولكني مازلت أحس بالنفور وأني أبغض خلقته وأتوقع استحالة العشرة معه ومع أهله الذين لا أجد فيهم العائلة المشرفة فقررت أن أصارحه بالحقيقة وأطلب منه فسخ العقد الذي بيننا فأنا لم أزف إليه بعد، فهل هذا جائز؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا فاني في حيرة من أمري.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن تعلق المرأة المتزوجة برجل غير زوجها يعتبر خطأ كبيرا منهما، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 7895.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فليس من شك في أن الحياة الزوجية في أكمل صورها قائمة على الحب بين الزوجين، لكن ذلك لا يعني أنه يستحيل الاستمرار فيها بدونه، فثمة عوامل أخرى تمد هذه الحياة بمادة بقائها واستمرارها.

من هذه العوامل الإحسان إلى المرأة بإبقائها، أو إحسان المرأة إلى زوجها بالصبر عليه، أو الإحسان إلى الأبناء إن وجدوا ببقاء رابطة الزواج قائمة. ومما يذكر هنا أن رجلا جاء إلى عمر يريد أن يطلق زوجته معللا ذلك بأنه لا يحبها، فقال له عمر: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟ والتذمم هو الإحسان إلى من يذم بترك الإحسان إليه.

وقال عمر لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام.

وعليه، فننصحك بأن لا تظلي هكذا رهينة شهوتك وعاطفتك، وحاولي –إن أمكنك ذلك- أن تستمري في العلاقة مع زوجك؛ فقد ينكشف الغيب عن أسباب للمحبة تحدث، وقد تجدين منه أحسن مما تتصورين.

وإذا كنت لا ترغبين في البقاء معه، ولا تطيقينه، فلا حرج عليك في طلب الطلاق، لكن ينبغي أن تتدبري في عاقبة هذا الأمر وحالك بعده. واستخيري الله تعالى قبل أن تقدمي عليه. ولك أن تراجعي في صلاة الاستخارة فتوانا رقم: 971.

ومما يدل على جواز طلب الفراق عند بغض الزوج وعدم احتمال البقاء معه، ما رواه البخاري في صحيحه أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. زاد ابن ماجه: لا أطيقه بغضاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً.

ومعنى: ولكني أكره الكفر في الإسلام: أي أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه... ونحو ذلك.

ونسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني