الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي للولي أن يرفض خاطباً ملتزماً بالشرع

السؤال

هل يجوز شرعا أن تمنع الفتاة المسلمة من الزواج من مسلم لأنه من غير بلدها، أو من غير قبيلتها حتى وإن كانت كل الشروط موجودة وصحيحة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه لا بد من الكفاءة في النكاح، وقد اتفق العلماء على اعتبار الدين في ذلك قال الإمام ابن رشد في بداية المجتهد: ( فأما الكفاءة فإنهم اتفقوا على أن الدين معتبر في ذلك إلا ما رُوي عن محمد بن الحسن من إسقاط اعتبار الدين).
وقد فسر العلماء الكفاءة في الدين بقولهم: لا يكون الفاجر والفاسق كفؤاً لعفيفة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن. فلا بد أن يكون الزوج مرضي الدين والخلق، وأما النسب فقد اختلف العلماء هل هو معتبر في الكفاءة أم لا؟.
فمنهم من جعل الأعجمي (غير العربي) ليس كفؤاً للعربية، لأن العرب يعتدون بالكفاءة في النسب، ويأنفون من نكاح الموالي ويرون ذلك نقصاً وعاراً، ويؤيده الحديث في صحيح مسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم "، ولأن العرب فّضلوا على الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن العلماء من لم يعتبر الكفاءة في النسب، وجعل المسلمين متكافئين لا فرق بين عربيهم وعجميهم لقوله تعالى: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [الحجرات:13]، ولقوله تعالى: ( إنما المؤمنون إخوة) [الحجرات:10] ولقوله صلى الله عليه وسلم " لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب" رواه أحمد، وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية من زيد بن حارثة مولاه، وزوج فاطمة بنت قيس القرشية من أسامة وهو وأبوه عتيقان، وتزوج بلال الحبشي من أخت عبد الرحمن بن عوف الزهرية القرشية مع أنه حبشي أسود، وغير ذلك كثير..
والراجح الذي تعضده الأدلة أن الكفاءة المعتبرة في الزواج هي الدين، فالرجل المسلم المرضي دينه وخلقه يتزوج بأي امرأة مسلمة بغض النظر عن نسبها، فإذا كانت الشروط موجودة وصحيحة فلا تمنع الفتاة المسلمة من الزواج من غير بلدها أو من غير قبيلتها، مع توافر الدين والخلق المرضيين.
ومما يجدر التنبه له أن الولي شرط من شروط النكاح ولكنه إذا منع المرأة من الزواج ممن تقدم لها ممن توفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع فقد أثم إثماً مبيناً، وللمرأة حينئذ أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية فتجبر الولي على أن تزوجها، أو تقوم المحكمة بتزويجها.
والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني