الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب: المحرم يموت.

                                                                            1480 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا يعقوب بن إبراهيم، نا هشيم، أنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، أن رجلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوقصته ناقته وهو محرم، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن هشيم، وقال: "فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا" ورواه [ ص: 322 ] مسلم، عن أبي كريب، عن وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، وقال: "ولا تخمروا وجهه، ولا رأسه".

                                                                            قال سفيان : وزاد إبراهيم بن أبي حرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "وخمروا وجهه، ولا تخمروا رأسه".

                                                                            قوله: فوقصته، أي: صرعته، فدقت عنقه، وقيل للرجل إذا كان مائل العنق: أوقص، وأصل الوقص: الدق والكسر.

                                                                            قوله: "كفنوه في ثوبيه" فيه أنه استبقى له شعار الإحرام من كشف الرأس، واجتناب الطيب، ولم يزده ثوبا ثالثا تكرمة له، كما استبقى للشهداء شعار الجهاد، فلم يغسلوا ودفنوا بدمائهم.

                                                                            وفيه دليل على أن حرم الرجل في رأسه دون وجهه.

                                                                            واختلف أهل العلم، في أن المحرم إذا مات هل ينقطع حكم إحرامه؟، فذهب بعضهم إلى أنه لا ينقطع حكم إحرامه حتى لا يجوز تخمير رأسه، [ ص: 323 ] ولا أن يقرب منه الطيب، وهو قول الثوري ، والشافعي، وأحمد، وإسحاق .

                                                                            وذهب جماعة إلى أنه ينقطع حكمه، فيصنع به ما يصنع بسائر الموتى، يروى ذلك عن ابن عمر ، وهو قول مالك وأصحاب الرأي.

                                                                            وروي أن عروسا أدخلت على زوجها، فماتت من ليلتها، فقالت عائشة : "ادفنوها في ثيابها ومصبغاتها".

                                                                            وفي الحديث دليل على أن المحرم إذا مات لا يؤدى عنه بقية الحج، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به. [ ص: 324 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية