الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
691 - حدثنا يحيى ، ثنا عبد الله بن دكين ، عن فراس بن عبد الله ، عن الشعبي ، قال : " إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع ، وإن الذكر ينبت الإيمان في القلب ، كما ينبت الماء الزرع " .

* قال أبو عبد الله : فاحتجوا بهذه الأخبار ، وما أشبهها ، وقالوا : كل من أتى كبيرة فهو منافق ، كما روى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه .

(و) أخبر عبد الله بن مسعود أن الغناء ينبت النفاق في القلب .

وقال علي بن أبي طالب : يبدأ النفاق لمظة سوداء في القلب ، فكلما ازداد النفاق ازدادت اللمظة حتى يكمل النفاق ، ولم يرد الريب ، لأن الريب لا أول له ، ولا آخر ، إنما هو شك ، وإنما أرادوا الأعمال بالقلب ، لأنه جزأ النفاق لمظات في القلب ، كما جزأ الإيمان ، ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق " ، فذلك قوله هذا أنه يريد العمل ، ولا يريد الشك ، لأن الشك لا أول له ، ولا آخر ، فيتفرق خصالا . [ ص: 637 ]

واحتجوا بهذه الأخبار ، وزعموا أنه منافق مخلد في النار ، وقد وافقهم على ذلك فرقة ممن يقول بالحديث ، فزعموا أنه منافق ، لما جاء فيه من الأخبار على غير تلخيص ، ولا شهود عليه بالنار ، ولكن اتباعا للأخبار على ما جاءت يسمونه بالنفاق ، ولا يسمونه مؤمنا ، ولا مسلما ، ولا كافرا .

* قال أبو عبد الله : وقد اتفقت هذه الفرق التي ذكرناها من أهل البدع مع اختلافها في اسم من ارتكب الكبائر على أن كل من ارتكب كبيرة ، فمات غير تائب منها ، فهو من أهل النار ، خالدا مخلدا لا يخرج منها أبدا ، وأيسوه من رحمة الله ، وجميع ما كتبناه من الحجج على الطائفتين اللتين ذكرنا خلافهم لنا من أصحاب الحديث ، فهي داخلة على هؤلاء ، ولازمة لهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية