الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            3 - باب ما على الوالي من أمر الجيش

                                                            3476 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو جعفر الرازي ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور ، أخبرنا معاذ بن هشام ، أخبرنا أبي ، عن قتادة ، عن أبي المليح أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه ، فقال له معقل إني محدثك بحديث لولا أني في الموت لم أحدثك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم ، ولا ينصح إلا لم يدخل معهم الجنة " .

                                                            3477 - وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبته : ألا إنما أبعث عمالي ليعلموكم دينكم ، وسنتكم ، ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم ، ولا ليأخذوا أموالكم ، ألا فمن رابه شيء من ذلك فليرفعه إلي أقصه منه ، ثم قال : ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ، ولا تجمروهم فتفتنوهم ، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم " .

                                                            3478 - أخبرنا أبو الحسن المقرئ المهرجاني ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، أخبرنا يوسف بن يعقوب ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، أخبرنا مهدي بن ميمون ، أخبرنا سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي فراس ، قال : شهدت عمر بن الخطاب ، وهو يخطب الناس ، فذكره في حديث طويل .

                                                            3479 - وروينا عن ابن كعب ، قال : كان عمر يعقب الجيوش في كل عام ، فشغل عنهم عمر ، فذكر الحديث في فقولهم ، وقولهم : يا عمر إنك غفلت عنا ، وتركت فينا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، من أعقاب بعض الغزية بعضا " .

                                                            3480 - وروينا عنه أنه قال لحفصة : كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها ، فقالت : ستة ، أو أربعة أشهر قال عمر : لا أحبس الجيش أكثر من هذا . [ ص: 367 ]

                                                            3481 - وروينا عن عمر في نهيه عن حمل المسلمين على مهلكة : والذي نفسي بيده ما يسرني أن تفتتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم .

                                                            3482 - وروينا عن عمر في الرجل الذي استعمله ، فقال لعمر : أتقبل هذا - يعني ولده - ما قبلت ولدا قط ! فقال عمر : فأنت بالناس أقل رحمة ، هات عهدنا ألا تعمل لي عملا أبدا . وذكر الشافعي فيما يجب على الإمام الغزو بنفسه ، أو بسراياه في كل عام على حسن النظر للمسلمين حتى لا يكون الجهاد معطلا في عام إلا من عذر ، وذكر فيمن يبدأ بجهاده قوله تعالى قاتلوا الذين يلونكم من الكفار .

                                                            3483 - ثم قال : فإن كان بعضهم أنكى من بعض ، أو أخوف بدئ بالأخوف ، وإن كانت داره أبعد ، واحتج بغزوة الحارث بن أبي ضرار حين بلغه أنه يجمع له ، وإرساله ابن أنيس إلى خالد بن سفيان بن نبيح حين بلغه يجمع له ، وقربه عدوا أقرب منه .

                                                            وذكر الشافعي فيما يبدأ به الإمام سد أطراف المسلمين بالرجال ، ثم يجعل من الحصون ، والخنادق ، وكل أمر وقع العدو قبل إتيانه .

                                                            3484 - وروينا في الرباط ، عن سلمان الفارسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له أجر صيام شهر وقيامه ، ومن مات مرابطا أجرى له مثل الأجر ، وأجرى عليه الرزق ، وأمن الفتان " .

                                                            3485 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، أخبرنا هشام بن علي ، أخبرنا أبو الوليد ، أخبرنا ليث بن سعد ، عن أيوب بن موسى ، عن مكحول ، عن شرحبيل ، عن سلمان الفارسي ، فذكره .

                                                            [ ص: 368 ] وروينا في الخندق قصة حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق حول المدينة .

                                                            3486 - وأما من تبرع بالتعرض للقتل رجاء إحدى الحسنيين ، فقد قال الشافعي : قد بورز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحمل رجل من الأنصار حاسرا على جماعة المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما في ذلك من الخيرة ، فقتل . قال الشيخ : هو عوف بن عفيراء فيما ذكر ابن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، والأحاديث في معناه كثيرة ، وقوله - عز وجل - : وأنفقوا في سبيل الله ، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، ورد في ترك النفقة في سبيل الله - عز وجل - هكذا قال حذيفة بن اليمان .

                                                            3487 - وروي عن ابن عباس ، وروينا عن أبي أيوب الأنصاري في رجل من المسلمين حمل على الروم حتى دخل فيهم ، ثم خرج ، فقال الناس : سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة ، فقال : إنما أنزلت فينا معشر الأنصار ، قلنا : فيما بيننا سرا إن أموالنا قد ضاعت ، فلو أقمنا فيها ، فأصلحنا ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية ، فكانت التهلكة في الإقامة التي أردنا .

                                                            3488 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا إبراهيم بن مرزوق ، أخبرنا سعيد بن عامر ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : قال رجل للبراء : أحمل على الكتيبة بالسيف في ألف من التهلكة ذاك ؟ ، قال : لا إنما التهلكة أن يذنب الرجل الذنب ، ثم يلقي بيده ، فيقول : لا يغفر لي .

                                                            3489 - وروينا في رجل شرى نفسه ، فزعم ناس أنه ألقى بيده إلى التهلكة ، فقال عمر : كذب أولئك ، بل هو من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا " .

                                                            3490 - قال الشافعي : والاختيار أن يتحرز ، وذكر حديث السائب بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين .

                                                            3491 - وروي ذلك عن السائب ، عن رجل من بني تيم ، عن طلحة بن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر بين درعين يوم أحد .

                                                            3492 - وروينا عن ابن عباس في قصة بدر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يعني من قبته ، وهو في الدرع . [ ص: 369 ]

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية