الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين  وهي في قراءة عبد الله: فكان عاقبتهما أنهما خالدان في النار، وفى قراءتنا خالدين فيها نصب، ولا أشتهي الرفع، وإن كان يجوز وذلك أن الصفة قد عادت على النار مرتين، والمعنى للخلود، فإذا رأيت الفعل بين صفتين قد عادت إحداهما على موضع الأخرى نصبت الفعل، فهذا من ذلك، ومثله في الكلام قولك: مررت برجل على بابه متحملا به، ومثله قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      والزعفران على ترائبها شرقا به اللبات والنحر



                                                                                                                                                                                                                                      لأن الترائب هي اللبات هاهنا، فعادت الصفة باسمها الذي وقعت عليه أولا، فإذا اختلف الصفتان: جاز الرفع والنصب على حسن. من ذلك قولك: عبد الله في الدار راغب فيك.

                                                                                                                                                                                                                                      ألا ترى أن (في) التي في الدار مخالفة (لفي) التي تكون في الرغبة؛ والحجة ما يعرف به النصب [ ص: 147 ] من الرفع. ألا ترى الصفة الآخرة تتقدم قبل الأولى، إلا أنك تقول: هذا أخوك في يده درهم قابضا عليه، فلو قلت: هذا أخوك قابضا عليه في يده درهم [لم يجز] . وأنت تقول: هذا رجل في يده درهم قائم إلى زيد. ألا ترى أنك تقول: هذا رجل قائم إلى زيد في يده درهم، فهذا يدل على المنصوب إذا امتنع تقديم الآخر، ويدل على الرفع إذا سهل تقديم الآخر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية