( خلط ) ( هـ ) في حديث الزكاة لا خلاط ولا وراط الخلاط مصدر : خالطه يخالطه مخالطة وخلاطا . والمراد به أن يخلط الرجل إبله بإبل غيره ، أو بقره أو غنمه ليمنع حق الله منها ويبخس المصدق فيما يجب له ، وهو معنى قوله في الحديث الآخر أما الجمع بين المتفرق فهو الخلاط . وذلك أن يكون ثلاثة نفر مثلا ، ويكون لكل واحد أربعون شاة ، وقد وجب على كل واحد منهم شاة ، فإذا أظلهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة . وأما تفريق المجتمع فأن يكون اثنان شريكين ، ولكل واحد منهما مائة شاة وشاة ، فيكون عليهما في ماليهما ثلاث شياه ، فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما ، فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة . قال لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة : الخطاب في هذا للمصدق ولرب المال . قال : والخشية خشيتان : خشية الساعي أن تقل الصدقة ، وخشية رب المال أن يقل ماله ، فأمر كل واحد منهما أن لا يحدث في المال شيئا من الجمع والتفريق . هذا على مذهب الشافعي إذ الخلطة مؤثرة عنده . أما الشافعي ، أبو حنيفة فلا أثر لها عنده ، ويكون معنى الحديث نفي الخلاط [ ص: 63 ] لنفي الأثر ، كأنه يقول : لا أثر للخلطة في تقليل الزكاة وتكثيرها .
( هـ ) ومنه حديث الزكاة أيضا الخليط : المخالط ، ويريد به الشريك الذي يخلط ماله بمال شريكه . والتراجع بينهما هو أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بقرة وللآخر ثلاثون بقرة ، ومالهما مختلط ، فيأخذ الساعي عن الأربعين مسنة ، وعن الثلاثين تبيعا ، فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على شريكه ، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على شريكه ، لأن كل واحد من السنين واجب على الشيوع ، كأن المال ملك واحد . وفي قوله : بالسوية . دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه لا يرجع بها على شريكه ، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب دون الزيادة . وفي التراجع دليل على أن الخلطة تصح مع تمييز أعيان الأموال عند من يقول به . وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية
( هـ ) وفي حديث النبيذ أنه نهى عن الخليطين أن ينبذا يريد ما ينبذ من البسر والتمر معا ، أو من العنب والزبيب ، أو من الزبيب والتمر ونحو ذلك مما ينبذ مختلطا . وإنما نهى عنه لأن الأنواع إذا اختلفت في الانتباذ كانت أسرع للشدة والتخمير .
والنبيذ المعمول من خليطين ، ذهب قوم إلى تحريمه وإن لم يسكر أخذا بظاهر الحديث ، وبه قال مالك وأحمد . وعامة المحدثين قالوا : من شربه قبل حدوث الشدة فيه فهو آثم من جهة واحدة ، ومن شربه بعد حدوثها فهو آثم من جهتين : شرب الخليطين وشرب المسكر . وغيرهم رخص فيه وعللوا التحريم بالإسكار .
وفيه ما خالطت الصدقة مالا إلا هلكته قال : يعني أن خيانة الصدقة تتلف المال المخلوط بها . وقيل : هو تحذير للعمال عن الخيانة في شيء منها . وقيل هو حث على تعجيل أداء الزكاة قبل أن تختلط بماله . الشافعي
وفي حديث الشفعة الشريك أولى من الخليط ، والخليط أولى من الجار الشريك : المشارك في الشيوع ، والخليط : المشارك في حقوق الملك كالشرب والطريق ونحو ذلك .
( س ) وفي حديث الوسوسة رجع الشيطان يلتمس الخلاط أي يخالط قلب المصلي بالوسوسة .
[ ص: 64 ] ( س ) ومنه حديث عبيدة وسئل ما يوجب الغسل ؟ قال : الخفق والخلاط أي الجماع ، من المخالطة .
( س ) ومنه خطبة الحجاج ليس أوان أوان يكثر الخلاط يعني السفاد .
وفي حديث معاوية أن رجلين تقدما إليه فادعى أحدهما على صاحبه مالا ، وكان المدعي حولا قلبا مخلطا مزيلا المخلط بالكسر الذي يخلط الأشياء فيلبسها على السامعين والناظرين .
وفي حديث سعد أي لا يختلط نجوهم بعضه ببعض لجفافه ويبسه ، فإنهم كانوا يأكلون خبز الشعير وورق الشجر لفقرهم وحاجتهم . وإن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة ، ما له خلط
ومنه حديث أبي سعيد وهو الخلط من التمر : أي المختلط من أنواع شتى . كنا نرزق تمر الجمع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي حديث شريح جاءه رجل فقال : إني طلقت امرأتي ثلاثا وهي حائض ، فقال : أما أنا فلا أخلط حلالا بحرام أي لا أحتسب الحيضة التي وقع فيها الطلاق من العدة ، لأنها كانت له حلالا في بعض أيام الحيضة وحراما في بعضها .
وفي حديث الحسن يصف الأبرار وظن الناس أن قد خولطوا وما خولطوا ، ولكن خالط قلبهم هم عظيم يقال : خولط فلان في عقله مخالطة : إذا اختل عقله .