الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( والله بصير بما يعملون ) والمقصود أنه تعالى لما ذكر أنه يوفي لكل أحد بقدر عمله جزاءه ، وهذا لا يتم إلا إذا كان عالما بجميع أفعال العباد على التفصيل الخالي عن الظن والريب والحسبان ، أتبعه ببيان كونه عالما بالكل تأكيدا لذلك المعنى ، وهو قوله : ( والله بصير بما يعملون ) وذكر محمد بن إسحاق صاحب المغازي في تأويل قوله : ( وما كان لنبي أن يغل ) وجها آخر ، فقال : ما كان لنبي أن يغل أي ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم رغبة في الناس أو رهبة عنهم ، ثم قال : ( أفمن اتبع رضوان الله ) يعني رجح رضوان الله على رضوان الخلق ، وسخط الله على سخط الخلق ، ( كمن باء بسخط من الله ) فرجح سخط الخلق على سخط الله ، ورضوان الخلق على رضوان الله ، ووجه النظم على هذا التقرير أنه تعالى لما قال : ( فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) بين أن ذلك إنما يكون معتبرا إذا كان على وفق الدين ، فأما إذا كان على خلاف الدين فإنه غير جائز ، فكيف يمكن التسوية بين من اتبع رضوان الله وطاعته ، وبين من اتبع رضوان الخلق ، وهذا الذي ذكره محتمل ، لأنا بينا أن الغلول عبارة عن الخيانة على سبيل الخفية ، وأما أن اختصاص هذا اللفظ بالخيانة في الغنيمة فهو عرف حادث .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية