أما المسكن فقوله تعالى : ( وإن الله لعليم حليم ليدخلنهم مدخلا يرضونه ) وفيه مسائل :
[ ص: 52 ] المسألة الأولى : قرئ مدخلا بضم الميم وهو من الإدخال ، ومن قرأ بالفتح فالمراد الموضع .
المسألة الثانية : قيل في المدخل الذي يرضونه : إنه خيمة من درة بيضاء لا فصم فيها ولا وصم ، لها سبعون ألف مصراع ، وقال أبو القاسم القشيري : هو أن يدخلهم الجنة من غير مكروه تقدم ، وقال رضي الله عنهما : إنما قال يرضونه لأنهم يرون في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر فيرضونه ولا يبغون عنها حولا ، ونظيره قوله تعالى : ( ابن عباس ومساكن ترضونها ) [ التوبة : 24 ] وقوله : ( في عيشة راضية ) [ الحاقة : 21 ] وقوله : ( ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) [ الفجر : 28 ] وقوله : ( ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ) [ التوبة : 72 ] .
المسألة الثالثة : إن قيل : ما معنى ( وإن الله لعليم حليم ) ؟ وما تعلقه بما تقدم ؟ قلنا : يحتمل أنه عليم بما يستحقونه فيفعله بهم ويزيدهم ، ويحتمل أن يكون المراد أنه عليم بما يرضونه فيعطيهم ذلك في الجنة ، وأما الحليم فالمراد أنه لحلمه لا يعجل بالعقوبة فيمن يقدم على المعصية ، بل يمهل ليقع منه التوبة فيستحق منه الجنة .