الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : فإن لبس المخيط للضرورة أياما ، وكان ينزع بالليل للنوم لا للاستغناء عن ذلك فهذه كلها جناية واحدة بخلاف ما إذا نزع لزوال الضرورة ثم اضطر إليه بعد ذلك فلبس فإنه يلزمه كفارة أخرى ; لأن حكم الضرورة الأولى قد انتهى بالبرء وهو نظير ما تقدم فيمن يداوي القرحة بدواء فيه طيب مرارا أن عليه كفارة واحدة ما لم يبرأ فإذا برئ ثم خرجت به قرحة أخرى فداواها بالطيب فهذه جناية أخرى ، ولو كان به حمى غب فكان يلبسه يوم الحمى ولا يلبسه في غير ذلك فهذه كلها جناية واحدة لا يجب بها إلا كفارة واحدة ; لأن العلة المحوجة إلى اللبس قائمة ، أرأيت لو جلس في الشمس فاستغنى عن لبس المخيط فلما ذهبت الشمس احتاج إلى المخيط فأعاد اللبس أكانت هذه جناية أخرى بل الكل جناية واحدة مادام العلة قائمة فعليه أي الكفارات شاء فإن اختار الإطعام فدعا المساكين فغداهم وعشاهم أجزأه ذلك في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ، ولم يجزه في قول محمد رحمه الله تعالى فأبو يوسف رضي الله تعالى عنه اعتبر المقصود ، فقال : هذا طعام كفارة فيتأدى بالتغذية والتعشية كسائر الكفارات ومحمد رحمه الله تعالى يعتبر المنصوص عليه فيقول المنصوص عليه الصدقة هنا لقوله تعالى { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } وما ورد بلفظة الصدقة لا يتأدى بطعام الإباحة كالزكاة وصدقة الفطر

التالي السابق


الخدمات العلمية