الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولا يجوز له أن يتزوج امرأة أرضعته رضاعا قليلا أو كثيرا عندنا ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا تثبت الحرمة إلا بخمس رضعات يكتفي الصبي بكل واحدة منها ، ومن أصحاب الظواهر من اعتبر ثلاث رضعات لإيجاب الحرمة ، واستدل من شرط العدد بقوله صلى الله عليه وسلم : { لا تحرم المصة ولا المصتان ، ولا الإملاجة ولا الإملاجتان . } وفي حديث عمرة عن عائشة رضي الله تعالى عنهما قالت : كان فيما أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخ بخمس رضعات معلومات يحرمن ، وكان ذلك مما يتلى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نسخ بعد ذلك ، وحجتنا قوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } أثبت الحرمة بفعل الإرضاع فاشتراط العدد فيه يكون زيادة على النص ، ومثله لا يثبت بخبر الواحد . وفي حديث علي رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الرضاع قليله وكثيره سواء } يعني في إيجاب الحرمة ، ولأن هذا سبب من أسباب التحريم ، فلا يشترط فيه العدد كالوطء ، أما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فضعيف جدا ; لأنه إذا كان متلوا بعد رسول الله ، ونسخ التلاوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز فلماذا لا يتلى الآن . ؟ وذكر في الحديث { فدخل داجن البيت فأكله } وهذا يقوي قول الروافض الذين يقولون : كثير من القرآن ذهب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يثبته الصحابة رضي الله تعالى عنهم في المصحف وهو قول باطل بالإجماع ، ولو ثبت أن هذا كان في وقت من الأوقات ، فإنما كان في الوقت الذي كان إرضاع الكبير مشروعا وعليه يحمل الحديث الثاني ، فإن إنبات اللحم وإنشاز العظم في حق الكبير لا يحصل بالرضعة الواحدة ، فكان العدد مشروعا فيه ثم انتسخ بانتساخ حكم إرضاع الكبير على ما نبينه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية