الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولو صنع لبن امرأة في طعام فأكله الصبي ، فإن كانت النار قد مست اللبن وأنضجت الطعام حتى تغير ، فليس ذلك برضاع ، ولا يحرم ; لأن النار غيرته فانعدم بها معنى التغذي باللبن ، وإنبات اللحم ، وإنشاز العظم ، وإن كانت النار لم تمسه ، فإن كان الطعام هو الغالب لا تثبت به الحرمة أيضا ; لأن المغلوب في حكم المستهلك ، ولأن هذا أكل والموجب للحرمة شرب اللبن دون الأكل ، وإن كان اللبن هو الغالب فكذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تثبت به الحرمة ، وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تثبت به الحرمة ; لأن الحكم للغالب ، والغالب هو اللبن ولم يغيره شيء عن حاله وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : إلقاء الطعام في اللبن يغيره ، ألا ترى أنه يرق به وربما يتغير به لونه فكان بمنزلة ما لو غيرته النار ، وقيل هذا إذا كان لا يتقاطر اللبن من الطعام عند حمل اللقمة ، وأما إذا كان يتقاطر منه اللبن تثبت به الحرمة عنده ; لأن القطرة من اللبن إذا دخلت حلق الصبي كانت كافية لإثبات الحرمة ، والأصح أنه لا تثبت على كل حال عنده ; لأن التغذي كان بالطعام دون اللبن .

التالي السابق


الخدمات العلمية