قال : ( وإن لم يجز ذلك على شريكه ) في قول شارك أحد المتفاوضين رجلا شركة مفاوضة رحمه الله تعالى ; لأن الثاني مثل الأول ، فلا يكون من توابع الأول مستفادا به . كما أنه ليس لشريك العنان أن يشارك غيره فكذلك ، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يجوز ذلك منه ; لأن المتفاوضين كل واحد منهما قائم مقام صاحبه فيما هو من صنيع التجار ; فيكون كل واحد منهما كفعلهما . إذا عرفنا هذا فنقول : المستبضع وكيل للدافع ; فيعزل بموت الدافع - علم به أو لم يعلم - ; لأن هذا عزل من طريق الحكم . فإذا اشترى المتاع بعد ذلك كان مشتريا لنفسه ، فإذا نقد الثمن بالمال المدفوع إليه فقد قضى بمال الغير دينا عليه ; فيكون ضامنا مثل ذلك المال لصاحب المال ، ونصف هذا المال لشريك العنان فيضمن له ذلك ، والنصف الآخر للمفاوض الحي ولورثة الميت فيضمن لهما ذلك . وإنما قلنا : إنه ينعزل بموت الدافع أما في حقه لا يشكل ، وفي حق الشريكين الآخرين ; لأن الشركة قد انقطعت من الدافع ، وبين كل واحد منهما بموته ، واعتبار أمره في حقهما كان بعقد الشركة ; فلا يبقى بعد انتقاضها . محمد ; كان المتاع كله للمتفاوضين ، لأن شركة الدافع مع شريك العنان قد انتقضت بموته ، وانقطعت الوكالة التي كانت بينهما ، فلا يثبت له الملك في المتاع بشراء الوكيل ; لأن شراء الوكيل كشراء الموكل بنفسه ، والدافع لو اشترى المتاع بنفسه كان المتاع كله للمتفاوضين ، فكذلك وكيله . ولو كان الدافع حيا ومات شريك العنان ثم اشترى المستبضع المتاع
ويرجع ورثة الميت بحصته من المال إن شاءوا على المستبضع ; لأنه دفع ما صار ميراثا لهم إلى البائع بغير رضاهم ، ثم يرجع المستبضع به على أي المتفاوضين شاءوا ; لأن كل واحد منهما ضامن عن صاحبه ما يلزمه بحكم قيام المفاوضة بينهما ، وقد صار الدافع ضامنا لذلك ; لأن أداء وكيله بأمره كأدائه بنفسه ، فإن لم يمت هذا ولكن المتفاوض الآخر مات ، ثم اشترى المستبضع المتاع ; فنصف المتاع لشريك العنان لقيام الشركة بين الدافع وبين شريك العنان ، ولأن شراء وكيله له كشرائه بنفسه ، ونصف المتاع للآمر لا شيء له منه لورثة الميت ; لأن المفاوضة قد انتقضت بين الدافع وبين الميت . ولو اشترى بنفسه في هذه الحالة لم يكن شيء من المشترى لورثة الميت ، فكذلك إذا اشترى وكيله . ولورثة الميت الخيار إن شاءوا ضمنوا نصيبهم من المال المفاوض الحي ; لأن أداء وكيله كأدائه بنفسه ، وإن شاءوا ضمنوه المستبضع ; لأنه دفع مالهم إلى البائع [ ص: 184 ] بغير رضاهم . ثم يرجع المستبضع به على الآمر ; لأنه عامل له فيما أدى بأمره ، فيرجع عليه بما يلحق من العهدة ولا يرجع بها على شريكه الآخر ; لأن الشركة بينهما عنان ; فلا يكون كل واحد منهما مطالبا بما يجب على الآخر .