قال : ( وإن لم يؤكل ) أما إذا تمكن من ذبحه فلا شك فيه ; لأنه ترك ذكاة الاختيار مع القدرة عليه ، وأما إذا لم يتمكن من ذلك ، فإن كان لفقد الآلة فكذلك الجواب ; لأن التقصير من قبله حيث لم يحمل آلة الذكاة مع نفسه ، وإن كان لضيق الوقت فكذلك الجواب عندنا . ( وقال ) وصل إليه صاحبه والصيد حي فأخذه فلم يذبحه حتى مات الحسن بن زياد ومحمد بن مقاتل رحمهما الله تعالى : يحل استحسانا ، وهو قول رحمه الله تعالى لأن ذكاة الاضطرار بدل عن ذكاة الاختيار ، وما لم يقدر على الأصل لا يسقط حكم البدل كالمتيمم إذا وجد الماء وبينه وبين الماء سبع أو عدو ، وهنا لم يقدر على الأصل فبقي ذكاة الاضطرار موجبا للحل ، ولكنا نقول : ذكاة الاضطرار إنما تعتبر فيما إذا لم يقع في يده حيا ، وهذا قد وقع في يده حيا فسقط اعتبار ذكاة الاضطرار فيه ، وألحق بما كان في يده كالشاة والبعير إذا سقط فلم يتمكن من ذبحه في المذبح لضيق الوقت فجرحه فمات لم يحل فهذا مثله ، وهذا كله إذا كان يتوهم بقاؤه حيا مع الجرح الذي جرحه الكلب ، فأما إذا شق بطنه فأخرج ما فيه ثم وقع في يد صاحبه حيا فمات حل تناوله ; لأنه استقر فيه فعل الذكاة قبل وقوعه في يده ، وما بقي فيه اضطراب المذبوح ، فلا يعتبر كمن ذبح شاة فاضطربت ووقعت في الماء بعد قطع الحلقوم والأوداج لم يحرم بذلك لهذا المعنى ، وقيل : هذا قول الشافعي [ ص: 242 ] أبي يوسف رحمهما الله تعالى ، فأما عند ومحمد رحمه الله تعالى لا يحل وهو القياس ; لأنه وقع في يده حيا ، وموته مما أصابه ، وحياته موهوم ، فإنما ينبني الحكم على ما هو معلوم حقيقة ، وهو وقوعه حيا في يد صاحبه ، فلا يحل بدون ذكاة الاختيار . أبي حنيفة