وإذا فإن القاضي يقبل ذلك منه ويقضي بالمال على المكفول عنه ; لأنه يدعي لنفسه عليه مالا بسبب وهو لا يتوصل إلى إتيان ذلك إلا بإثبات سبب بينه وبين الغائب وهو أداء المال إليه ، فينصب الحاضر خصما عن الغائب كمن كفل رجل لرجل عن رجل بمال عليه فأداه الكفيل ثم لقي المكفول عنه فجحد أن يكون أمره بالكفالة أو أن يكون لفلان الطالب عليه شيء فأقام الكفيل البينة أن لفلان على فلان ألف درهم وأن فلانا هذا قد أمره فضمنها لفلان ، وأنه قد أداها لفلان إلى فلان فإن يقضي ببينته على ذلك بهذا الطريق حتى إذا حضر الغائب فجحد أن يكون باعه لم يكلف المدعي إعادة البينة عليه فكذلك هنا إذا حضر المكفول له ; جحد أن يكون قبض شيئا من الكفيل لم يكلف الكفيل إعادة البينة وكان الحكم عليه بوصول حقه إليه ماضيا وهذا لأن الأسباب مطلوبة لأحكامها فمن يكون خصما في إثبات الحكم عليه يكون خصما في إثبات سبب الحكم عليه أيضا ورجوع الكفيل على الأصيل لا يكون إلا بأمره إياه بالكفالة وأدائه إلى الطالب بعد الكفالة فما يكون المكفول عنه خصما لكفيل في إثبات الأمر عليه يكون خصما في إثبات الأداء إلى الطالب عليه . والقضاء بالبينة على الحاضر يكون نافذا عليه وعلى الغائب جميعا . ادعى عينا في يد إنسان أنها له اشتراها مع فلان الغائب وأقام البينة على ذلك
وذكر في اختلاف زفر ويعقوب - رحمهما الله [ ص: 46 ] أن فالقول قوله وليس للمرأة على الكفيل شيء في قول الرجل إذا غاب عن امرأته فأتاها رجل وأخبرها أن زوجها قد أبانها ووكله أن يزوجها منه ويضمن المهر ففعلت ذلك ثم رجع الزوج وأنكر أن يكون طلقها وأن يكون أمر هذا الرجل بشيء أبي يوسف - رحمه الله - ; لأن الطلاق لما لم يثبت ; كان العقد الثاني باطلا والكفالة المثبتة عليه كذلك بمنزلة أحد الوارثين . وإذا ; لم يشاركه في الميراث . أقر لمعروف نسب أنه أخوه
وعلى قول - رحمه الله - ترجع هي على الكفيل بالمال ; لأن الكفيل مقر بصحة العقد الثاني ووجوب المال عليه بسبب الكفالة ، وإقراره حجة في حقه فلو أقام الكفيل البينة على الزوج بما أدى من الطلاق وتوكيله إياه بالعقد الثاني والكفالة ; قبلت بينته بذلك ، وكان لها أن ترجع بالمال على الكفيل ثم يرجع الكفيل على الزوج ، وإن شاءت رجعت على الزوج للمعنى الذي قلنا أن الكفيل لا يتمكن من الرجوع على الزوج إلا بإثبات هذه الأشياء عليه فصار خصما في ذلك كله . والله أعلم وأحكم . زفر