ثم اختلفوا في فقال صفة الماء المستعمل رحمه الله هو نجس إلا أن التقدير فيه بالكثير الفاحش ، وهو روايته عن أبو يوسف رضي الله عنه ، وروى أبي حنيفة الحسن عن أنه نجس لا يعفى عنه أكثر من قدر الدرهم ، وقال أبي حنيفة رحمه الله تعالى هو طاهر غير طهور ، وهو رواية محمد ، وعافية القاضي عن زفر رحمه الله تعالى . أبي حنيفة
وجه قول أن الحدث الحكمي أغلظ من النجاسة العينية ، ثم إزالة النجاسة العينية بالماء تنجسه فإزالة الحدث الحكمي به أولى ، ولهذا قال في رواية أبي يوسف الحسن رحمه الله : التقدير فيه بالدرهم كما في النجاسة العينية ، ولكنه بعيد فإن للبلوى تأثيرا في تخفيف النجاسة ، ، ومعنى البلوى في الماء المستعمل ظاهر فإن صون الثياب عنه غير ممكن ، وهو مختلف في نجاسته فلذلك خف حكمه .
وجه قول رحمه الله ما روي { محمد } ، والتبرك بالنجس لا يكون ، والمعنى [ ص: 47 ] أن أعضاء المحدث طاهرة ، ولكنه ممنوع من إقامة القربة فإذا استعمل الماء تحول ذلك المنع إلى الماء فصارت صفة الماء كصفة العضو قبل الاستعمال فيكون طاهرا غير طهور بخلاف ما إذا أزال النجاسة بالماء فالنجاسة هناك تتحول إلى الماء الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتبادرون إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسحون به أعضاءهم ، ومن لم يصبه أخذ بللا من كف صاحبه
( وروى ) المعلى عن رحمه الله أن المتوضئ بالماء إن كان محدثا يصير الماء نجسا ، وإن كان طاهرا لا يصير الماء نجسا ، ولكن باستعمال الطاهر يصير الماء مستعملا إلا على قول أبي يوسف زفر - رحمهما الله تعالى - فإنهما يقولان إذا لم يحصل إزالة حدث ، أو نجاسة بالماء لا يصير الماء مستعملا كما لو غسل به ثوبا طاهرا والشافعي
( ولنا ) أن إقامة القربة حصل بهذا الاستعمال قال عليه الصلاة والسلام { الوضوء على الوضوء نور على نور يوم القيامة } فنزل ذلك منزلة إزالة الحدث به بخلاف غسل الثوب ، والإناء الطاهر فإنه ليس فيه إقامة القربة ( وذكر ) الطحطاوي رحمه الله أنه إذا تبرد بالماء صار الماء مستعملا ، وهذا غلط منه إلا أن يكون تأويله إن كان محدثا فيزول الحدث باستعمال الماء .
وإن كان قصده التبرد فحينئذ يصير مستعملا .