وبالأسحار هم يستغفرون أي هم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم يداومون على الاستغفار في الأسحار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم ولم يتفرغوا فيه للعبادة ، وفي بناء الفعل على الضمير إشعار بأنهم الأحقاء بأن يوصفوا بالاستغفار كأنهم المختصون به لاستدامتهم له وإطنابهم فيه .
وفي الآية من الإشارة إلى مزيد خشيتهم وعدم اغترارهم بعبادتهم ما لا يخفى ، وحمل الاستغفار على حقيقته المشهورة هو الظاهر - وبه قال . الحسن
[ ص: 9 ] أخرج عنه وغيره أنه قال : صلوا فلما كان السحر استغفروا ، وقيل : المراد طلبهم المغفرة بالصلاة ، وعليه ما أخرج ابن جرير وجماعة عن ابن المنذر رضي الله تعالى عنهما أنه قال : ابن عمر يستغفرون يصلون ، وأخرج عنه ذلك مرفوعا ابن مردويه
ولا أراه يصح ، وأخرج أيضا عن قال : «قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أنس إن آخر الليل في التهجد أحب إلي من أوله لأن الله تعالى يقول : وبالأسحار هم يستغفرون » وهو محتمل لذلك التفسير والظاهر