وفي أنفسكم أي في ذواتكم آيات إذ ليس في العالم شيء إلا وفي ذات الإنسان له نظير يدل مثل دلالته على ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الأفعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة ، وآيات الأنفس أكثر من أن تحصى ، وقيل : أريد بذلك اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع ، ورواه عن عطاء ، وقيل : سبيل الطعام وسبيل الشراب والحق أن لا حصر ابن عباس أفلا تبصرون أي ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة ، وهو تعنيف على ترك النظر في الآيات الأرضية والنفسية ، وقيل : في الأخير وفي السماء رزقكم أي تقديره وتعيينه ، أو أسباب رزقكم من النيرين والكواكب والمطالع [ ص: 10 ] والمغارب التي تختلف بها الفصول التي هي مبادئ الرزق إلى غير ذلك ، فالكلام على تقدير مضاف أو التجوز بجعل وجود الأسباب فيها كوجود المسبب ، وذهب غير واحد إلى أن السماء السحاب وهي سماء لغة ، والمراد بالرزق المطر فإنه سبب الأقوات وروي تفسيره بذلك مرفوعا وقرأ ابن محيصن - أرزاقكم - على الجمع . وما توعدون عطف على رزقكم أي والذي توعدونه من خير وشر كما روي عن ، وفي رواية أخرى عنه وعن مجاهد - ما توعدون - الجنة والنار وهو ظاهر في أن النار في السماء وفيه خلاف ، وقال بعضهم : هو الجنة وهي على ظهر السماء السابعة تحت العرش ، وقيل : أمر الساعة ، وقيل : الثواب والعقاب فإنهما مقدران معينان فيها ، وقيل : إنه مستأنف خبره . الضحاك