قوله تعالى : كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه معناه لا ينهى بعضهم بعضا عن المنكر ؛ وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي يونس بن راشد عن علي بن بذيمة عن عن أبي عبيدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الله بن مسعود بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم إلى قوله فاسقون ثم قال : كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا . إن أول ما دخل النقص على
وقال : وحدثنا أبو داود : حدثنا خلف بن هشام أبو شهاب الحناط ، عن عن العلاء بن المسيب ، عن عمرو بن مرة ، عن سالم ، عن أبي عبيدة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، زاد : ابن مسعود وليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم . قال : في هذه الآية مع ما ذكرنا من الخبر في تأويلها دلالة على أبو بكر ، وأنه لا يكتفى منهم بالنهي دون الهجران . قوله تعالى : النهي عن مجالسة المظهرين للمنكر ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا روي عن وغيره أن الضمير في " منهم " راجع إلى الحسن اليهود ؛ وقال آخرون : هو راجع [ ص: 109 ] إلى أهل الكتاب ، والذين كفروا هم عبدة الأوثان تولاهم أهل الكتاب على معاداة النبي صلى الله عليه وسلم ومحاربته .
قوله تعالى : ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء روي عن الحسن أنه في المنافقين من ومجاهد اليهود ، أخبر أنهم غير مؤمنين بالله وبالنبي وإن كانوا يظهرون الإيمان . وقيل : إنه أراد بالنبي موسى عليه السلام أنهم غير مؤمنين به ؛ إذ كانوا يتولون المشركين قوله تعالى ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى الآية . قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء : " نزلت في والسدي النجاشي وأصحابه لما أسلموا " . وقال : " قوم من قتادة أهل الكتاب كانوا على الحق متمسكين بشريعة عيسى عليه السلام فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به " . ومن الجهال من يظن أن في هذه الآية مدحا للنصارى وإخبارا بأنهم خير من اليهود ، وليس كذلك ؛ وذلك لأن ما في الآية من ذلك إنما هو صفة قوم قد آمنوا بالله وبالرسول يدل عليه ما ذكر في نسق التلاوة من إخبارهم عن أنفسهم بالإيمان بالله وبالرسول .
ومعلوم عند كل ذي فطنة صحيحة أمعن النظر في مقالتي هاتين الطائفتين أن مقالة النصارى أقبح وأشد استحالة وأظهر فسادا من مقالة اليهود ؛ لأن اليهود تقر بالتوحيد في الجملة وإن كان فيها مشبهة تنقص ما أعطته في الجملة من التوحيد بالتشبيه .